وعليه فإن ضابط ما يتميز به الفسخ عن الطلاق عند أبي حنيفة ومحمد: هو أن كل فرقة بسبب من جانب المرأة تكون فسخاً، وكل فرقة من جانب الرجل أو بسبب منه مختص بالزواج فهي طلاق، إلا أن أبا حنيفة خلافاً لمحمد يعتبر الفرقة بسبب ردة الزوج فسخاً؛ لأنه يرى أن الردة كالموت من حيث إن صاحبها مهدر الدم، فتشبه الفرقة بالموت، والفرقة بالموت لا يمكن جعلها طلاقاً. وبه يظهر أن الغالب كون الفرقة طلاقاً.
وقال المالكية (١): إما أن تكون الفرقة من زواج صحيح أو زواج فاسد.
أولاً ـ إن كات الفرقة من زواج صحيح: فإنها تكون طلاقاً إلا إذا كانت بسبب أمر طارئ يوجب التحريم المؤبد، سواء من أحد الزوجين أو من القاضي.
ثانياً ـ وإن كانت الفرقة من زواج فاسد:
فإن كان مجمعاً على فساده: فإن الفرقة فيه تكون فسخاً، لا طلاقاً، كالفرقة من زواج المتعة، والزواج بإحدى المحارم، والزواج بالمعتدة، ونحوها.
وإن كان مختلفاً في فساده: وهو ما يكون فاسداً عند المالكية صحيحاً عند غيرهم، كزواج المرأة بدون ولي فهو فاسد عندهم صحيح عند الحنفية، فإن الفرقة فيه تكون طلاقاً لا فسخاً. ومنه زواج السر (وهو الذي يوصي الزوج الشهود بكتمان العقد عن الناس أو عن بعضهم) فهو فاسد عندهم صحيح عند باقي الأئمة.
وعلى هذا تكون الفرقة فسخاً فيما يأتي:
(١) بداية المجتهد: ٧٠/ ٢، الشرح الكبير مع الدسوقي: ٣٦٤/ ٢.