للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العاصين من عباده. ومثله قوله تعالى: {ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده} [التوبة:١٠٤/ ٩] وقوله {وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى} [طه:٨٢/ ٢٠].

قال القرطبي: فإخباره سبحانه وتعالى عن أشياء أوجبها على نفسه يقتضي وجوب تلك الأشياء. والعقيدة: أنه لا يجب عليه شيء عقلاً، فأما السمع فظاهره قبول توبة التائب، والخلاصة: إن الآيات تتضمن وعداً من الله، ولا خُلْف في وعده أنه يقبل التوبة إذا كانت بشروطها المصححة لها، وهي الأربعة السابق ذكرها.

وأما العقل فلا يوجب قبول التوبة على الله خلافاً للمعتزلة، لأن من شرط الموجب أن يكون أعلى رتبة من الموجب عليه، والحق سبحانه خالق الخلق، ومالكهم والمكلف لهم، فلا يصح أن يوصف بوجوب شيء عليه، تعالى عن ذلك (١).

[٤) ـ المشيئة الإلهية وحرية الاختيار في مغفرة الذنوب]

قد يعفو الله عن السيئات صغيرها وكبيرها من غير اشتراط شيء كالتوبة من الكبائر واجتناب الصغائر. لقوله تعالى: {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون} [الشورى:٢٥/ ٤٢].

أي يقبل الله التوبة في المستقبل ويعفو عن السيئات في الماضي مطلقاً، سواء الصغائر والكبائر لمن يشاء (٢) ومشيئة الله: موافقة لحكمته، وجارية على مقتضى سننه.


(١) تفسير القرطبي: ٩٠/ ٥ وما بعدها.
(٢) تفسير الألوسي: ٣٦/ ٢٥، تفسير القرطبي: ٩٠/ ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>