تجزئ عند الحنفية عن الزكاة، وإنما يجب إعطاء الزكاة للفقير، ويمكن استيفاء الدين منه بعد ذلك فيعطيه الزكاة، ثم بعد أن يستلمها يقول له: أعطني ديني، وكذلك أجاز الحنابلة الإعطاء للمدين ثم يستوفي منه حقه، ما لم يكن حيلة أي بأن شرط عليه أن يردها عليه من دينه. ولو اشترى بالزكاة طعاماً، فأطعم الفقراء غداء وعشاء، ولم يدفع عين المال إليهم لايجوز، لعدم التمليك، ولو دفع الزكاة للفقير لا يتم الدفع ما لم يقبضها بنفسه أو يقبضها له وليه أو وصيه.
ولو قضى دين ميت فقير بنية الزكاة، لم يصح عن الزكاة؛ لأنه لم يوجد التمليك من الفقير، لعدم قبضه، لكن لو قضى دين فقير حي بأمره، جاز عن الزكاة، لوجود التمليك من الفقير؛ لأنه لما أمره به، صار وكيلاً عنه في القبض، فصار كأن الفقير قبض الصدقة بنفسه، وملكها للغريم الدائن.
عاشراً ـ الإبراء من الدين على مستحق الزكاة واحتسابه منها واعتبار ما أخرج، على ظن الوجوب، زكاة معجلة:
هذا الموضوع:«الإبراء من الدين» ليقع عن الزكاة يثار البحث حوله من قديم، وتبرز الحاجة إلى معرفة حكمه بنحو متميز في عصرنا حيث تلكأ الناس عن دفع الزكاة المفروضة، وأهملوا إخراجها، ولجأ بعضهم إلى بعض الحيل للتخلص من أدائها.
وقبل التعرف على الحكم الواجب الاتباع، يجب التذكر بأن منهج العالم وإفتائه يكون بما ترجح دليله، وظهر وجه الحق فيه، كما قرر العلماء، كما أن ما أيدته القواعد الشرعية الكثيرة، واطمأن إليه العقل وارتاحت له النفس، أو قال به أكثر العلماء، يكون مرجحاً الأخذ به.