للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشكوى والصبر وحسن الظن بالله تعالى: ويخبر المريض عن حاله من الوجع، ولو لغير طبيب بلا شكوى، بعد أن يحمد الله، لحديث ابن مسعود مرفوعاً: «إذا كان الشكر قبل الشكوى فليس بشاكٍ»

ويستحب أن يصبَّر المريض وكل مبتلى، للأمر به في قوله تعالى: {واصبر وما صبرك إلا بالله} [النحل:١٦/ ١٢٧] وقوله: {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب} [الزمر:٣٩/ ١٠] وقوله صلّى الله عليه وسلم: «والصبر ضياء» (١)، وروي أن امرأة جاءت إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقالت: «يارسول الله، ادع الله أن يشفيني، فقال: إن شئت دعوت الله فشفاك، وإن شئت فاصبري ولا حساب عليك، فقالت: أصبر ولا حساب علي» (٢).

والصبر الجميل: صبر بلا شكوى إلى المخلوق، والشكوى إلى الخالق لا تنافي الصبر، بل هي مطلوبة، ومن الشكوى إلى الله قول أيوب: «رب إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين» وقول يعقوب: «إنما أشكو بثي وحزني إلى الله».

وينبغي كما تقدم أن يكون المريض حسن الظن بالله تعالى، لما روى جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله تعالى» (٣) ومعناه: أن يظن أن الله تعالى يرحمه، ويرجو ذلك كرماً ورحمة ومسامحة؛ لأنه أكرم الأكرمين يعفو عن السيئات، ويقيل العثرات، فيقدم الرجاء على الخوف، كما في الحديث الصحيح: «أنا عند حسن ظن عبدي بي» (٤).


(١) رواه مسلم عن أبي مالك الأشعري.
(٢) رواه البغوي بلفظه عن أبي هريرة، ورواه بلفظ آخر البخاري ومسلم عن ابن عباس.
(٣) رواه مسلم.
(٤) متفق عليه في الصحيحين عن أبي هريرة مرفوعاً، زاد أحمد: «إن ظن بي خيراً فله، وإن ظن شراً فله».

<<  <  ج: ص:  >  >>