للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو وقف المقتدي في علو في غير المسجد، كالشرفة في وسط دار مثلاً، وإمامه في سفل، كصحن تلك الدار، أو عكسه أي كان الوقوف عكس الوقوف المذكور، يشترط بالإضافة لشرط اتصال صف من أحدهما بالآخر، محاذاة (موازاة) بعض بدن المأموم بعض بدن الإمام، بأن يحاذي رأس الأسفل قدم الأعلى، مع اعتدال قامة الأسفل.

وأما الحنابلة (١) فلهم تفصيل آخر مستقل قالوا فيه: اختلاف مكان الإمام والمأموم يمنع صحة الاقتداء على النحو التالي:

أـ إن كان الإمام والمأموم في المسجد، صح الاقتداء، ولو كان بينهما حائل أو لم ير الإمام، متى سمع تكبيرة الإحرام، ولو لم تتصل الصفوف عرفاً؛ لأن المسجد بني للجماعة، فكل من حصل فيه حصل في محل الجماعة، بخلاف خارج المسجد، فإنه ليس معداً للاجتماع فيه، فلذلك اشترط الاتصال فيه.

ب ـ وإن كانا خارج المسجد، فيصح الاقتداء بشرط رؤية الإمام أو مشاهدة من وراء الإمام، ولو في بعض أحوال الصلاة كحال القيام أو الركوع، ولو كان بينهما أكثر من ثلاث مئة ذراع، ولو كانت الرؤية مما لا يمكن النفاذ منه كشباك ونحوه، فإن لم ير المأموم الإمام أو بعض من وراءه، لم يصح اقتداؤه به، ولو سمع التكبير، لقول عائشة لنساء كن يصلين في حجرتها: «لا تصلين بصلاة الإمام، فإنكن دونه في حجاب»، ولأنه لا يمكن الاقتداء به في الغالب. ودليل اشتراط الرؤية حديث عائشة قالت: «كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يصلي من الليل، وجدار الحجرة قصير، فرأى الناس شخص رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقام أناس يصلون بصلاته، وأصبحوا يتحدثون بذلك، فقام الليلة الثانية، فقام معه أناس يصلون بصلاته» (٢) والظاهر أنهم كانوا يرونه في حال قيامه.


(١) كشاف القناع:٥٧٩/ ١ - ٥٨٠، المغني:٢٠٦/ ٢ - ٢٠٩.
(٢) رواه البخاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>