للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنقاذ مهجهم من النار، لا لإعانتهم لنا حتى يسقط بفشو الإسلام (١). قال الزهري: لا أعلم شيئاً نسخ حكم المؤلفة.

ويوافق الشيعة الجعفرية والزيدية على هذا الرأي وهو أن حكم المؤلفة باق لم ينسخ ولم يبدل (٢).

والخلاصة: أن المؤلفة الكفار يعطون من الزكاة في رأي، ولا يعطون منها في رأي آخر، وأما المؤلفة المسلمون فيعطون من الزكاة اتفاقاً إذا كانوا حديثي عهد بإسلام ليتمكن الإسلام في نفوسهم كما ذكر الدسوقي، لكن يلاحظ أن هذا الاتفاق منقوض بمخالفة الحنفية الذين قالوا بنسخ سهم المؤلفة قلوبهم مطلقاً كما تقدم.

والراجح لدي أن سهم المؤلفة باق لم ينسخ، ويعطون من الزكاة أو من سهم المصالح عند الحاجة، سواء أكانوا مسلمين أم كفاراً. قال أبو عبيد في كتاب الأموال: وأما ما قال الحسن وابن شهاب، فعلى أن الأمر ماض أبداً، وهذا هو القول عندي، لأن الآية محكمة، لا نعلم لها ناسخاً من كتاب ولا سنة (٣).

وقال الشوكاني رحمه الله: والظاهر جواز التأليف عند الحاجة إليه، فإذا كان في زمن الإمام قوم لا يطيعونه إلا للدنيا، ولا يقدر على إدخالهم تحت طاعته بالقسر والغلب، فله أن يتألفهم، ولا يكون لفشو الإسلام تأثير؛ لأنه لم ينفع في خصوص هذه الواقعة، وقد عدّ ابن الجوزي أسماء المؤلفة قلوبهم في جزء مفرد، فبلغوا نحو الخمسين نَفْساً (٤).


(١) المغني: ٦٦٦/ ٢، كشاف القناع: ٣٢٥/ ٢، غاية المنتهى: ٣١٠/ ١، نيل المآرب: ٣١٩/ ١.
(٢) المختصر النافع في فقه الإمامية: ص ٨٣، البحر الزخار: ١٧٩/ ٢ - ١٨٠.
(٣) الأموال: ص ٦٠٧.
(٤) نيل الأوطار: ١٦٦/ ٤ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>