الشافعية كما بينت، والأكمل في الحج وجود نية الطواف والسعي والوقوف بعرفة عند كل منها، لكن تشترط النية في طواف النذر والتطوع، لعدم اندراجه مع غيره، وعلى هذا يقال: لنا عبادة تجب النية في نفلها دون فرضها وهو الطواف، ولا نظير لذلك.
وعبارة الحنابلة في ذلك: الواجب استصحاب حكم النية دون حقيقتها، بمعنى أنه لا ينوي قطعها، فلو ذهل عنها، لم يؤثر ذلك في صحة صلاته.
وذكر الحنفية أن الحاج لو طاف بنية التطوع في أيام النحر، وقع عن الفرض، ولو طاف بعد ما حل النفر ونوى التطوع أجزأه عن طواف الصدر (الوداع). ولو طاف الحاج طالباً الغريم لا يجزئه، ولو وقف في عرفات طالباً الغريم أجزأه؛ لأن الطواف قربةمستقلة بخلاف الوقوف (١).
خامساً ـ كيفية النية: تتطلب العبادة مع نية فعلها تمييزها عن غيرها، سواء أكان ذلك الغير عبادة من نوعها أو جنسها أم غير عبادة أي فعلاً عادياً؛ لأن المقصود بالنية في العبادة تمييزها عن العادات، أو تمييز رتب العبادة عن بعضها.
مثلاً الوضوء يكون عبادة إذا قصد به التوصل للعبادة كالصلاة والطواف ونحوهما مما يفتقر إلى ذلك، ويكون عادة للنظافة والتبرد ونحوهما، فإذا نوى استباحة الصلاة باستعمال الماء في أعضاء الوضوء، أو فرض الغسل، صح الوضوء.