للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حق واجب، فلم يجز تركه بصدقة التطوع، فيقدم الدين لأن أداءه واجب، فيتقدم على المسنون، فإن رجا له وفاء من جهة أخرى ظاهرة، فلا بأس بالتصدق به، إلا إن حصل بذلك تأخير، وكان الواجب وفاء الدين على الفور بمطالبة أو غيرها. وأما تقديم ما يحتاجه للنفقة، فللحديث السابق: «كفى بالمرء إثماً أن يضيِّع من يقوت،

وابدأ بمن تعول» (١)، ولأن كفاية العيال فرض، وهو مقدم على النفل، والضيافة كالصدقة.

وأما خبر الأنصاري الذي نزل به الضيف، فأطعمه قوته وقوت صبيانه، فمحمول على أن الصبيان لم يكونوا محتاجين حاجة شديدة حينئذ إلى الأكل. وأما الرجل والمرأة فتبرعا بحقهما، وكانا صابرين، وإنما قال فيه لأمّهم: نوميهم خوفاً من أن يطلبوا الأكل على عادة الصبيان في الطلب من غير حاجة.

عاشراً ـ نية جميع المؤمنين: الأفضل أن ينوي بالصدقة النافلة جميع المؤمنين والمؤمنات؛ لأنها تصل إليهم، ولا ينقص من أجره شيء (٢).

[أحد عشر ـ التصدق من المال الحرام]

قال الحنفية (٣): إذا تصدق بالمال الحرام القطعي، أو بنى من الحرام بعينه مسجداً ونحوه مما يرجو به التقرب، مع رجاء الثواب الناشئ عن استحلاله، كفر؛ لأن استحلال المعصية كفر، والحرام لا ثواب فيه. ولا يكفر إذا أخذ ظلماً من إنسان مئة، ومن آخر مئة، وخلطهما، ثم تصدق به؛ لأنه ليس بحرام بعينه قطعاً لاستهلاكه بالخلط، ولأنه ملكه بالخلط، ثم يضمنه. والخلاصة: أن شرط الكفر


(١) رواه أبو داود بإسناد صحيح، ورواه مسلم بمعناه.
(٢) الدر المختار ورد المحتار: ٩٧/ ٢.
(٣) المرجع السابق: ٣٥/ ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>