للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥ - أن تكون الجناية واقعة في دار الحرب عند الحنفية: فلا قصاص عندهم في النفس أو ما دونها على جناية وقعت في دار الحرب لعدم ولاية الإمام عليها، خلافاً لباقي الأئمة.

٦ - تعذر استيفاء القصاص: يمتنع القصاص في النفس أو ما دونها عند الفقهاء إذا لم يمكن الاستيفاء؛ لأن القصاص يتطلب المماثلة، فإذا لم يتحقق التماثل فلا قصاص، وينتقل إلى الدية (١). فلا تقطع إبهام اليد اليمنى ذات المفصلين من الجاني، بقطعه إبهاماً ذات مفصل واحد من المجني عليه، لكونها كانت مقطوعة المفصل الأول قبل الجناية، لعدم التماثل.

وأما الشروط الخاصة للقصاص في الجناية على ما دون النفس: فهي التي ترجع إلى أساس واحد، وهو تحقيق التماثل. ومقتضاه تحقيق التماثل بين الجناية والعقوبة في أمور ثلاثة: التماثل في الفعل، والتماثل في المحل (أو الموضع والاسم) والتماثل في المنفعة (أو الصحة والكمال) (٢).

وأضاف الحنفية التماثل في الأرشين، وقد سبق بيانه في مانع القصاص العام بسبب انعدام التكافؤ عندهم بين المرأة والرجل، وبين الحر والعبد؛ لأن ما دون النفس عندهم له حكم الأموال؛ لأنه خلق وقاية للنفس كالأموال، فتعتبر فيه المماثلة كما تعتبر في إتلاف الأموال.

والدليل على اشتراط التماثل: قوله تعالى: {والجروحَ قصاص} [المائدة:٤٥/ ٥] وقوله عز وجل: {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به} [النحل:١٢٦/ ١٦] {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم} [البقرة:١٩٤/ ٢] ولأن دم الجاني معصوم إلا بمقدار جنايته، فما زاد عليها معصوم يمنع


(١) البدائع: ٢٩٧/ ٧ وما بعدها، المغني: ٧٠٣/ ٧، كشاف القناع: ٦٣٩/ ٥، المهذب: ١٧٨/ ٢ وما بعدها، الشرح الكبير للدردير: ٢٥٠/ ٤.
(٢) البدائع: ٢٩٧/ ٧ وما بعدها، المغني: المغني: ٧٠٣/ ٧، كشاف القناع: ٦٣٩/ ٥ - ٦٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>