ومذهب الشافعية كالمالكية في التفصيل، فإنهم قالوا: إن المؤلفة قلوبهم من الكفار لا يعطون شيئاً من الزكاة بلا خلاف لكفرهم، والصحيح أنهم لا يعطون شيئاً البتة من خمس الخمس الآتي من الغنائم والفيء، والمرصد للمصالح العامة؛ لأن الله تعالى قد أعز الإسلام وأهله عن تألف الكفار، والنبي صلّى الله عليه وسلم إنما أعطاهم حين كان الإسلام ضعيفاً، وقد زال ذلك، والله أعلم.
وأما مؤلفة الإسلام، فصنف دخلوا في الإسلام، ونيتهم ضعيفة، فيعطون تألفاً ليثبتوا، وصنف آخر لهم شرف في قومهم نطلب بتأليفهم إسلام نظائرهم، وصنف إن أعطوا جاهدوا من يليهم أو يقبضوا الزكاة من مانعيها، والمذهب أنهم يعطون، والله أعلم (١).
وذهب الحنابلة إلى أن حكم المؤلف باق: وهو السيد المطاع في عشيرته ممن يرجى إسلامه أو يخشى شره كخوارج، أو يرجى بعطيته قوة إيمانه أو إسلام نظيره، أو جبايتها ممن لا يعطيها، أو دفع عن المسلمين، أو نصح في الجهاد، ويعطى ما يحصل به التأليف، ويقبل قوله في ضعف إسلامه، أي أنه يعطى عند الحاجة.
ودليلهم واضح وهو العمل بنص الآية في مصارف الزكاة، والنبي صلّى الله عليه وسلم قال:«إن الله تعالى حكم فيها، فجزأها ثمانية أجزاء» وكان يعطي المؤلفة كثيراً في أخبار مشهورة، ولم يزل كذلك حتى مات، ولا يجوز ترك كتاب الله وسنة رسوله إلا بنسخ، والنسخ لا يثبت بالاحتمال، كما لا يصح النسخ بعد وفاة النبي صلّى الله عليه وسلم. ويحمل ترك عمر وعثمان وعلي إعطاءهم على عدم الحاجة إلى إعطائهم في خلافتهم، لا لسقوط سهمهم، فإن الآية من آخر ما نزل، وأعطى أبو بكر عدي بن حاتم والزِّبْرِقان بن بدر، ولأن المقصود من دفعها إليهم