للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالث ـ ماء الأنهار الصغيرة المملوكة الخاصة بقوم محصورين وهو المسمى عند الفقهاء «ماء المقاسم»: حق الشفة ثابت فيه، للضرورة، ولأن الأصل في الماء اشتراك الناس فيه، لقوله عليه الصلاة والسلام: «الناس شركاء في ثلاث: الماء، والكلأ والنار» ولأن استصحاب الماء إلى كل مكان أمر متعذر، والناس بحاجة إليه، فلو منعوا منه، وقعوا في حرج عظيم.

لكن إذا كان ماء النهر أو البئر المملوك لجماعة في أرض مملوكة: فلصاحب الأرض أن يمنع من يريد الشفة من الدخول في ملكه، إذا كان يجد ماء بقربه (١).

فإن لم يجد يقال له: إما أن تخرج الماء إليه، أو تتركه، بشرط ألا يضر النهر أو البئر كأن يكسر ضفته أي جانبه؛ لأن للمضطر أو المحتاج حق الشفة في ماء النهر أو البئر أو الحوض عند الحاجة.

فلو منعه صاحب الأرض، وهو أو دابته في حالة عطش، كان له أن يقاتله بالسلاح ليأخذ قدر ما يدفع عن نفسه الهلاك، لقوله عمر السابق: «هلا وضعتم فيهم السلاح؟» ولأنه قصد إتلافه بمنع الشفة عنه، وهو حقه؛ لأن ماء البئر أو النهر ونحوهما مباح غير مملوك.

والأصح أن للناس الأخذ من هذا الماء ونقله للوضوء وغسل الثياب؛ لأن منعه من الدناءة، قال عليه الصلاة والسلام: «إن الله تعالى يحب معالي الأمور، ويكره سفسافها» (٢).

والأصح أن لصاحب الماء منع من أراد الأخذ منه لسقي الشجر أو الخضر في داره، بحمله بالجرار ونحوها إلا بإذنه.


(١) حد القرب: ميل كما في التيمم، والميل أربعة آلاف ذراع، والذراع: ٦١/ ٦ سم، فالميل: ١٨٤٨ م.
(٢) رواه الطبراني عن الحسين بن علي، هو حديث حسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>