للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - الرهن بالدَّرَك (١): أي بما يدرك المبيع من استحقاق، كأن باع شخص شيئاً وقبض الثمن، وسلم المبيع إلى المشتري، فخاف المشتري الاستحقاق، فأخذ بالثمن من البائع رهناً قبل الدَّرَك: لا يجوز هذا الرهن وإن جاز ضمانه (كفالته)؛ لأن استحقاق الشيء المبيع قد يتحقق وقد لا يتحقق، فكان الرهن به رهناً بما لا يجب فيه التسليم حالاً، بل وبما لا وجود له في الحال، وربما في المستقبل.

وأما الكفالة بالدرك فجائزة؛ لأن الكفالة التزام وضمان المطالبة، ويصح التزام الأفعال وضمانها في المستقبل، كالنذور. قال الحنفية: الرهن بالدرك باطل، والكفالة بالدرك جائزة (٢).

أما الرهن فهو لاستيفاء الديون، وإذا لم يثبت الدين، فكيف يستوفى؟ فلا استيفاء قبل ثبوت الدين أو وجوبه، والاستيفاء فيه معنى المعاوضة، والمعاوضات والتمليكات لا يصح أن تضاف إلى المستقبل، لما في الإضافة من الخطر والغرر، والرهن بالدرك من هذا القبيل. فكأن الراهن البائع يقول للمرتهن المشتري: إن ظهر مستحق، فهذا الشيء رهن، تستوفي منه عوض الثمن.

والفرق بين حالة الدرك والدين الموعود: أن الأول معدوم، والثاني كالموجود أي على وشك الثبوت، وقد صحح الحنفية الثاني للحاجة، كما تقدم.

الشرط الثاني ـ أن يمكن استيفاء الدين من المرهون به: فإن لم يمكن الاستيفاء منه، لم يصح الرهن؛ لأن الارتهان استيفاء، فإذا انتفى الاستيفاء، انتفى الرهن والغرض منه (٣). وعليه فلا يصح الرهن بما يأتي:


(١) الدرك: هو رجوع المشتري بالثمن على البائع عند استحقاق المبيع (العناية على الهداية بهامش تكملة الفتح: ٢٠٦/ ٨).
(٢) تكملة الفتح: ٢٠٦/ ٨، البدائع: ١٤٣/ ٦ ومابعدها، الدر المختار: ٣٥٠/ ٥.
(٣) البدائع: ١٤٣/ ٦ ومابعدها، تكملة الفتح: ٢٠٨/ ٨، الدر المختار ورد المحتار: ٣٥١/ ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>