للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما كونه فرض كفاية: فلأنه أمر بمعروف، أو نهي عن منكر، وهما واجبان كفائيان. قال بعضهم: «القضاء أمر من أمور الدين، ومصلحة من مصالح المسلمين، تجب العناية به؛ لأن بالناس إليه حاجة عظيمة» (١)، وهو من أنواع القربات إلى الله عز وجل، ولذا تولاه الأنبياء عليهم السلام، قال ابن مسعود: «لأن أجلس قاضياً بين اثنين أحب إليّ من عبادة سبعين سنة».

[المبحث الثاني ـ شروط القاضي]

اتفق أئمة المذاهب على أن القاضي يشترط فيه أن يكون عاقلاً بالغاً حراً مسلماً سميعاً بصيراً ناطقاً، واختلفوا في اشتراط العدالة، والذكورة، والاجتهاد (٢).

أما العدالة: فهي شرط عند المالكية والشافعية والحنابلة، فلا يجوز تولية فاسق ولا من كان مرفوض الشهادة لعدم الوثوق بقولهما، قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا} [الحجرات:٦/ ٤٩] فإذا لم تقبل الشهادة من امرئ، فلأن لا يكون قاضياً أولى. والعدالة تتطلب اجتناب الكبائر، وعدم الإصرار على الصغائر، وسلامة العقيدة، والمحافظة على المروءة، والأمانة التي لا اتهام فيها بجلب منفعة لنفسه أو دفع مضرة عنها من غير وجه شرعي.

وقال الحنفية: الفاسق أهل للقضاء، حتى لو عين الإمام قاضياً صح قضاؤه للحاجة، لكن ينبغي ألا يعين، كما في الشهادة، فإنه لا ينبغي أن يقبل القاضي شهادة الفاسق، لكن لو قبلها منه جاز، وفي الحالتين: (قضاء وشهادة) يأثم من يعينه للقضاء ومن يقبل شهادته.


(١) اللباب شرح الكتاب للميداني: ٤ ص ٧٧.
(٢) البدائع: ٣/ ٧، الدسوقي: ١٢٩/ ٤، بداية المجتهد: ٤٤٩/ ٢، مغني المحتاج: ٣٧٥/ ٤، البجيرمي على الخطيب: ٣١٨/ ٤، المغني: ٣٩/ ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>