للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما المحدود في القذف: فلا يعين قاضياً كما لا تقبل شهادته عند الحنفية كبقية الأئمة؛ لأن القضاء من باب الولاية، وبما أن هذا المحدود لا تقبل شهادته وهي أدنى الولايات، فعدم تعيينه قاضياً أولى.

وأما الذكورة: فهي شرط أيضاً عند غير الحنفية، فلا تولى المرأة القضاء؛ لقوله صلّى الله عليه وسلم: «لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة» (١)، ولأن القضاء يحتاج إلى كمال الرأي وتمام العقل والفطنة والخبرة بشؤون الحياة، والمرأة ناقصة العقل، قليلة الرأي، بسبب ضعف خبرتها واطلاعها على واقع الحياة، ولأنه لا بد للقاضي من مجالسة الرجال من الفقهاء والشهود والخصوم، والمرأة ممنوعة من مجالسة الرجال بعداً عن الفتنة، وقد نبه الله تعالى على نسيان المرأة، فقال: {أن تضل إحداهما فتذكِّر إحداهما الأخرى} [البقرة:٢٨٢/ ٢] ولا تصلح للإمامة العظمى ولا لتولية البلدان، ولهذا لم يولِّ النبي صلّى الله عليه وسلم ولا أحد من خلفائه ولا من بعدهم امرأة قضاء ولا ولاية بلد.

وقال الحنفية: يجوز أن تكون المرأة قاضياً في الأموال أي في القضاء المدني؛ لأنه تجوز شهادتها في المعاملات، ويأثم المولي لها للحديث السابق: «لن يفلح .. » أما في الحدود والقصاص أي في القضاء الجنائي، فلا تعين قاضياً؛ لأنه لا شهادة لها فيه، ومن المعلوم أن أهلية القضاء تلازم أهلية الشهادة.

وقال ابن جرير الطبري: يجوز أن تكون المرأة حاكماً على الإطلاق في كل شيء، لأنه يجوز أن تكون مفتية فيجوز أن تكون قاضية.

وأما الاجتهاد: فهو شرط عند المالكية والشافعية والحنابلة وبعض الحنفية


(١) رواه البخاري والنسائي والترمذي وصححه عن أبي بكرة (المقاصد الحسنة للسخاوي: ص ٣٤٠، نيل الأوطار: ٨ ص ٢٦٣، سبل السلام: ٤ ص ١٢٣، تلخيص الحبير: ٤ ص ١٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>