للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كالقدوري (١)، فلا يولى الجاهل بالأحكام الشرعية، ولا المقلد: (وهو من حفظ مذهب إمامه، لكنه غير عارف بغوامضه، وقاصر عن تقرير أدلته) لأنه لا يصلح للفتوى، فلا يصلح للقضاء بالأولى؛ لأن الله تعالى يقول: {وأن احكم بينهم بما أنزل الله} [المائدة:٤٩/ ٥] ولم يقل بالتقليد للآخرين، وقال سبحانه: {لتحكم بين الناس بما أراك الله} [النساء:١٠٥/ ٤] وقال عز وجل: {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول} [النساء:٥٩/ ٤] وروى بريدة عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: «القضاة، ثلاثة: واحد في الجنة، واثنان في النار، فأما الذي في الجنة، فرجل عرف الحق، فقضى به، ورجل عرف الحق وجار في الحكم فهو في النار، ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار» (٢) فالعامي يقضي على جهل.

ويلاحظ أن اشتراط وصف الاجتهاد عند المالكية: هو الذي عليه عامة أهل المذهب، لكن المعتمد والأصح عندهم أنه يصح تولية المقلد مع وجود المجتهد (٣).

وأهلية الاجتهاد: تتوافر بمعرفة ما يتعلق بالأحكام من القرآن والسنة، ومعرفة الإجماع والاختلاف والقياس ولسان العرب، ولا يشترط أن يكون الفقيه محيطاً بكل القرآن والسنة، ولا أن يحيط بجميع الأخبار الواردة، ولا أن يكون مجتهداً في كل المسائل، بل يكفي معرفة ما يتعلق بموضوع البحث (٤).


(١) اللباب في شرح الكتاب أي كتاب القدوري: ٤ ص ٧٨. قال في الهداية: والصحيح أن أهلية الاجتهاد شرط أولوية. فأما تقلي الجاهل أي غير المجتهد فصحيح عندنا؛ لأنه يمكنه أن يقضي بفتوى غيره.
(٢) رواه ابن ماجه وأبو داود والترمذي والنسائي والحاكم وصححه. وقد علق عليه ابن تيمية بقوله: «وهو دليل على اشتراط كون القاضي رجلاً» (نيل الأوطار: ٢٦٣/ ٨ ومابعدها، سبل السلام: ١١٥/ ٤، نصب الراية: ٦٥/ ٤، مجمع الزوائد: ١٩٥/ ٤).
(٣) الشرح الكبير وحاشية الدسوقي: ١٢٩/ ٤.
(٤) راجع التفصيل في كتابنا أصول الفقه: ص ١٠٤٤/ ٢ ومابعدها، ط دار الفكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>