للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عند الحنفية (١): وهو الماء القليل الذي شرب منه حيوان مثل الهرة الأهلية، لا الوحشية إذ سؤرها (٢) نجس، ومثل الدجاجة المخلاة (المتروكة تأكل القاذورات) وسباع الطير، والحية والفأرة؛ لأنها لا تتحامى عن النجاسة. وهذا عمل بمقتضى الاستحسان، تيسيراً على الناس بسبب مخالطة الناس للهرة، وتطوافها بهم، وللضرورة في سباع الطير لعدم إمكان التحرز عنها، وقد قرر النبي صلّى الله عليه وسلم طهارة سؤر الهرة، فقال: «إنها ليست بنجَس، إنها من الطوافين عليكم، والطوافات» (٣)، وعن عائشة عن النبي صلّى الله عليه وسلم «أنه كان يُصغي إلى الهرة الإناء حتى تشرب، ثم يتوضأ بفضلها» (٤).

وتزول الكراهة إذا لم يوجد غير هذا الماء. وقال الشافعية بطهارة فم الهرة وطهارة سؤرها.

[النوع الثاني ـ الماء الطاهر غير الطهور]

وحكمه عند الحنفية أنه يزيل الخبث، أي النجاسة عن الثوب والبدن، ولايزيل الحدث، فلا يصح الوضوء والغسل به، وهو ثلاثة أنواع:

أحدها ـ الماء الذي خالطه طاهر غير أحد أوصافه الثلاثة وسلب طهوريته: وسالب الطهورية عند الحنفية هو غلبة غير الماء عليه إما في مخالطة الجامدات وإما في المائعات (٥).

والغلبة في الجامدات تكون بإخراج الماء عن رقته وسيلانه، أو


(١) مراقي الفلاح: ص ٣.
(٢) السؤر: الباقي من الماء في الإناء بعد شرب حيوان منه.
(٣) رواه الخمسة عن كبشة بنت كلب بن مالك، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وأخرجه أيضاً البيهقي، وصححه البخاري والعقيلي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم والدارقطني (نيل الأوطار: ٢٥/ ١).
(٤) رواه الدارقطني (المصدر والمكان السابق) وأصغى الإناء للهرة: أماله.
(٥) مراقي الفلاح: ص٣ - ٤، فتح القدير: ٤٨/ ١ ومابعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>