للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقتول، وإن في النفس: الدية مئة من الإبل ... » (١). وأول من سنَّها مئة عبد المطلب جد الرسول صلّى الله عليه وسلم.

وأما الإجماع: فقد أجمع أهل العلم على وجوب الدية في الجملة.

ثالثاً ـ شروط وجوب الدية: يشترط لوجوب الدية عند الحنفية (٢) شرطان:

١ - العصمة: وهو أن يكون المقتول معصوماً، أي مصون الدم، فلا دية بقتل الحربي والباغي لفقد العصمة. ورأي الجمهور متفق مع الحنفية في هذا الشرط، إلا أن الباغي معصوم الدم في غير حال الحرب عند الشافعية ومن وافقهم وهم الجمهور غيرا لحنفية.

٢ - التقوم: وهو أن يكون المقتول متقوماً، فلا تجب الدية عند الحنفية بقتل الحربي إذا أسلم في دار الحرب، ولم يهاجر إلينا، وكان قاتله مسلماً أو ذمياً خطأ. وقال الجمهور: تجب الدية؛ لأن التقوم عندهم بالإسلام، وهذا مسلم قتل خطأ، والله تعالى يقول: {ومن قتَل مؤمناً خطأ فتحرير رقبة مؤمنة، ودية مسلَّمة إلى أهله} [النساء:٩٢/ ٤].

والتقوم عند الحنفية بدار الإسلام، وهذا ليس من أهل دار الإسلام، والله تعالى يقول: {فإن كان من قوم عدو لكم، وهو مؤمن، فتحرير رقبة مؤمنة} [النساء:٩٢/ ٤] فقد أوجب الله جزاء قتله: الكفارة فقط وهي عتق الرقبة، فلا يكون داخلاً تحت صدر الآية، وهي التي احتج بها الجمهور؛ لأنه مؤمن ديناً، لا


(١) رواه النسائي ومالك، وابن خزيمة وابن حبان وابن الجارود والحاكم والبيهقي موصولاً، قال ابن عبد البر: وهو كتاب مشهور عند أهل السير ومعروف عند أهل العلم معرفة يستغنى بشهرته عن الإسناد؛ لأنه أشبه المتواتر، في مجيئه في أحاديث كثيرة.
(٢) البدائع: ٢٥٢/ ٧ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>