للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منعة له (١). وفي الجملة: حكم البغاة عند الشافعية في ضمان النفس والمال والحد في غير حال الحرب حكم أهل العدل. وإن ارتكب الباغي جريمة القتل: الصحيح عندهم أنه لا يتحتم قتله، ويجوز العفو عنه، لقول علي بعد أن جرحه ابن ملجم: أطعموه واسقوه واحبسوه، فإن عشت فأنا ولي دمه، أعفو إن شئت، وإن شئت استقدت (٢).

[٤) ـ الفرق بين قتال البغاة وقتال المشركين]

البغاة باتفاق أئمة المذاهب كما عرفنا: هم الذين يخرجون على الإمام يبغون خلعه، أو منع الدخول في طاعته، أو يبغون منع حق واجب بتأويل في ذلك كله. وبهذا التأويل يمتازون عن المحاربين.

ويفترق حكم قتالهم عن قتال المشركين بأحد عشر وجهاً عند المالكية كما أبان القرافي المالكي (٣):

وهي أن يقصد بالقتال ردعهم لا قتلهم، ويكف عن مدبرهم، ولا يجهز على جريحهم، ولا يقتل أسراهم، ولا تغنم أموالهم، ولا تسبى ذراريهم، ولا يستعان على قتالهم بمشرك، ولا نوادعهم على مال، ولا تنصب عليهم الرعَّادات (المجانيق)، ولا تحرق عليهم البساتين، ولا يقطع شجرهم. والمعتمد في المذهب المالكي: أن للإمام أن يقاتل البغاة بالسيف والرمي بالنبل والمنجنيق والتغريق والتحريق وقطع الميرة (التموين) والماء عنهم إلا أن يكون فيهم نسوة أو ذراري، فلا نرميهم بالنار، ولا نسبي ذراريهم وأموالهم؛ لأنهم مسلمون.


(١) البدائع: ١٤١/ ٧، تحفة الفقهاء: ٢٥٢/ ٣، المهذب: ٢٢١/ ٢.
(٢) المهذب: ٢٢١/ ٢، مغني المحتاج: ١٢٩/ ٤، ٢٧٧/ ٢ وما بعدها.
(٣) الفروق: ١٧١/ ٤، وانظر أيضاً القوانين الفقهية: ص ٣٦٤، الشرح الكبير: ٢٩٩/ ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>