صريح قوله تعالى في حق المحاربين:{إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم، فاعلموا أن الله غفور رحيم}[المائدة:٣٤/ ٥].
ومفهوم الآية ألا يسقط عنه شيء بالتوبة بعد الظفر عليه، لأن الظاهر أن التوبة قبل ذلك توبة إخلاص، ولترغيبه في التوبة، وبعده الظاهر أنها تقيه من إقامة الحد عليه، ولا حاجة لترغيبه في التوبة؛ لأنه قد عجز عن الفساد والمحاربة.
أما ما يسقط عنه بالتوبة: فاختلفوا فيه (١)، فقال فقهاء الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة والإمامية والزيدية في أرجح الآراء لديهم: تسقط بتوبة المحارب حقوق الله تعالى كحد الزنا واللواط والسرقة وشرب الخمر؛ لأنها حدود الله تعالى، فتسقط بالتوبة كحد المحاربة، ولأن في إسقاطها ترغيباً في التوبة.
ولا تسقط عنه حقوق الناس الشخصية كحد القذف والقصاص وضمان الأموال، إذ لا دليل على إسقاطها.
وهناك آراء أخرى، قال الهادي من الزيدية، والإباضية: يسقط عنه ما قد أتلف ولو حقاً لآدمي في نفس أو مال أو قتل، لعموم الآية:{إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم}[المائدة:٣٤/ ٥].
وقال بعضهم: ترفع التوبة جميع حقوق الله، ولكن يؤاخذ بالدماء (أي جراح النفس من قتل وضرب وجرح) والأموال بما وجد بعينه في يده، ولا تتبع ذمته. وهو قول لمالك.