للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حال الحياة يجوز للواقف الرجوع عن الوقف ما دام حياً، غنياً أو فقيراً، بأمر قاض أو غيره.

ولا يتم الوقف بناء على القول بلزومه وبناء على رأي محمد حتى يقبض ويفرز؛ لأنه كالصدقة، ولأن تسليم كل شيء بما يليق به، ففي المسجد بالإفراز، وفي غيره بنصب الناظر (المتولي) بتسليمه إياه، ولا يجوز وقف مشاع يقسم عند محمد، ويجوز عند أبي يوسف، كما تقدم؛ لأن التسليم عنده ليس بشرط، بسبب كون الوقف عنده كالإعتاق.

واشترط المالكية (١) لصحة الوقف: القبض كالهبة، فإن مات الواقف أو مرض مرض موت أو أفلس قبل القبض (الحوز) بطل الوقف.

وقال الشافعية (٢): الوقف عقد (٣) يقتضي نقل الملك في الحال، علماً بأن الوقف على معين يشترط فيه عندهم القبول متصلاً بالإيجاب إن كان من أهل القبول، وإلا فقبول وليه كالهبة والوصية، أما الوقف على جهة عامة كالفقراء أو على مسجد أو نحوه، فلا يشترط فيه القبول جزماً لتعذره.

وكذلك قال الحنابلة (٤) كالشافعية: يزول الملك ويلزم الوقف بمجرد التلفظ به؛ لأن الوقف يحصل به، لحديث عمر المتقدم: «إن شئت حبَّست أصلها، وتصدقت بها» ولأنه تبرع يمنع البيع والهبة والميراث، فلزم بمجرده كالعتق.


(١) القوانين الفقهية: ص ٣٧٠.
(٢) مغني المحتاج: ٣٨٣/ ٢، ٣٨٥.
(٣) قد يطلق العقد في اصطلاح الفقهاء على الالتزام الذي ينشأ عنه حكم شرعي، سواء أكان صادراً من طرف واحد كالنذر واليمين، أم صادراً من طرفين كالبيع والإجارة، كما يطلق على مجموع الإيجاب والقبول، أو كلام أحد طرفي العقد.
(٤) المغني: ٥٤٦/ ٥، ٥٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>