للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما اتفقوا على طهارة الحيوان المذكى ذكاة شرعية، وعلى طهارة ميتة السمك والجراد، وعلى طهارة ميتة الآدمي ولو كافراً إلا الحنفية، فقالوا بنجاستها؛ لقوله تعالى: {ولقد كرمنا بني آدم} [الأسراء:٧٠/ ١٧]، وتكريمهم يقتضي طهارتهم ولو أمواتاً، ولقوله صلّى الله عليه وسلم: «إن المسلم ـ أي يحكم الغالب ـ لا ينجس». أما قوله: {إنما المشركون نجس} [التوبة:٢٨/ ٩]، فيراد به نجاسة الاعتقاد، أو أن اجتنابهم كالنجس، لا نجاسة الأبدان.

واختلفوا في أشياء، فقال الحنفية (١): كل شيء من أجزاء الحيوان غير الخنزير لا يسري فيه الدم من الحي والميت المأكول وغير المأكول حتى الكلب: طاهر، كالشعر، والريش المجزوز، والإنفحة الصلبة (٢)، والمنقار والظلف، والعصب على المشهور، والقرن والحافر، والعظم ما لم يكن به دسم (وَدَك)؛ لأنه نجس من الميتة، فإذا زال عن العظم زال عنه النجس، والعظم في ذاته طاهر، لما أخرج الدارقطني: «إنما حرم رسول الله صلّى الله عليه وسلم من الميتة لحمها، فأما الجلد والشعر والصوف، فلا بأس به». ويدخل فيه شعر الإنسان غير المنتوف، وعظمه وسنه مطلقاً على المذهب، أما الشعر المنتوف فنجس، لأن كل ما أبين من الحي فهو كميتته.

وأما دمع الحي وعرقه ولعابه ومخاطه فكالسؤر طهارة ونجاسة، والمذهب طهارة لعاب بغل وحمار، وكراهة لعاب سباع الطير وسواكن البيوت كالفأرة


(١) مراقي الفلاح: ص٢٦،٢٨، الدر المختار: ١٥٤/ ١،١٨٨ - ١٩٣،٢٩٥،٣٢٣، البدائع:٦١/ ١ - ٦٥.
(٢) الإنفحة شيء يستخرج من بطن الجدي الراضع أصفر، يعصر في صوفة ويغلظ به الجبن. والإنفحة الصلبة متفق على طهارتها، أما الإنفحة المائعة واللبن في ضرع الميتة فطاهران عند أبي حنيفة، نجسان عند الصاحبين، والأظهر قولهما كما أوضح ابن عابدين.

<<  <  ج: ص:  >  >>