[ترتيب الوصايا عند الحنفية في حقوق الله وحقوق العباد]
يرى الحنفية: أن الوصية إن كانت بفرض من فروض الله تعالى، فيقدم عليها الدين؛ لأن الدين أقوى منها، فإن كانت الوصية في الزكاة التي تساوي الدين في الإجبار بالحبس على الأداء، فالدين أقوى؛ لأن القاضي إذا وجد من مال المدين ما يجانس الدين، يأخذه بلا رضاه ويدفعه لصاحبه، وليس له الأخذ في الزكاة، وإن ظفر بجنسها.
وإن كانت الوصية بما سوى الزكاة كحَجَّة الإسلام والنذر والكفارة، فدين العباد مقدم عليها أيضاً، وإن استويا في الفريضة؛ لأنه يجبر على أداء الدين بالحبس، ولا يجبر به على أداء شيء من تلك الفروض، فالدين أقوى.
وإن اجتمع حق الله تعالى وحق العباد في عين كالتركة، وضاقت عن الوفاء بهما، يقدم حق العباد، لاحتياجهم مع استغناء الله تعالى وكرمه.
وإن كان الدين من حق الله تعالى: فإن أوصى به الميت، وجب تنفيذه من ثلث ماله الباقي بعد الدين المستحق للعباد، وإن لم يوص لم يجب.
ومن فاتته صلوات وأوصى أن يطعم عنه، فعلى الورثة أن يطعموا عنه من الثلث، لكل صلاة نصف صاع من بر، وكذا للوتر؛ لأنه واجب عند أبي حنيفة.
وإن فاته صوم رمضان لسفر أو مرض، وتمكن من قضائه ولم يقض حتى مات، وأوصى بالإطعام، فعلى الورثة أن يطعموا من الثلث، لكل يوم نصف صاع من بر.