مجال القضاء بالنكول: قال الحنفية وأصحاب أحمد: يقضى بالنكول في الأموال، أما غير المال أو مالا يقصد به المال كنكاح وطلاق ولعان وقصاص ووصاية ووكالة، فلا يقضى فيه بالنكول، فلا يقضى بالنكول في القصاص بالنفس أو بالطرف عند الحنابلة والصاحبين، وإنما يقضى عندهما بالدية أو بالأرش.
وقال أبو حنيفة: يقضى بالقصاص في الطرف حالة العمد، وبالدية حالة الخطأ، أما في القصاص بالنفس فلا يقضى فيه عنده لا بالقصاص ولا بالمال أي بالدية، لكن يحبس الجاني حتى يقر أو يحلف.
وإذا كان لا يقضى بالنكول في القصاص عند الحنابلة، سواء أكان في النفس أم في الطرف، فماذا يصنع بالجاني؟ وجهان ـ أحدهما: يخلى سبيله؛ لأنه لم يثبت عليه حجة، والثاني: يحبس حتى يقر أو يحلف.
وكذلك لا يقضى بالنكول في الحدود الخالصة لله تعالى كحد الزنا والسرقة والشرب؛ لأن النكول يعتبر بذلاً عند أبي حنيفة، وإقراراً فيه شبهة عند الصاحبين؛ لأنه في نفسه سكوت، والحدود لا تحتمل البذل، أي لا يقبل من المتهم إباحة نفسه لإقامة الحد عليه، وتندرئ بالشبهات، فلا تثبت بدليل فيه شبهة، والنكول فيه شبهة، كما أوضحت، فلا تجب به.
وقال أبو حنيفة: لا يقضى أيضاً بالنكول في الأشياء السبعة: وهي النكاح، والرجعة، والفيء في الإيلاء، والنسب، والرق، والاستيلاد، والولاء، ولايستحلف المنكر فيها؛ لأن النكول عنده يعتبر بذلاً وإباحة، والبذل لا يجري في هذه الأشياء. فإذا أنكر الرجل أو المرأة عقد النكاح، فقالت المرأة مثلاً: لا نكاح بيني وبينك، ولكن بذلت لك نفسي، لم يصح بذلها؛ لأن الزوجية لا تباح بالبذل.