للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال بعض مشايخ الحنفية: لا خلاف في الدهر أنه الأبد، وإنما قال أبو حنيفة: (لا أدري ما الدهر) إذا قال: (دهرا ً) (١).

وقال الشافعية والحنابلة (٢): إن حلف ألا يكلمه زمناً أو وقتاً أو دهراً أو عمراً فإنه يقع على القليل والكثير، فيبر بالقليل والكثير؛ لأن هذه الأسماء لا حد لها في اللغة، وتقع على القليل والكثير، فوجب حمله على أقل ما يتناوله اسمه. أما إذا حلف ألا يكلمه الدهر أو الأبد أو الزمان، فذلك على الأبد، لأن ذلك بالألف واللام، وهي للاستغراق، فتقتضي الدهر كله.

ولو قال: (والله لا أكلمك يوم الجمعة) فله أن يكلمه في غير يوم الجمعة؛ لأن الجمعة اسم ليوم مخصوص. وكذلك لو قال: (جمعاً) له أن يكلمه في غير يوم الجمعة، لأن الجُمَع جمع جمعة وهي يوم الجمعة فلا يتناول غيره، بخلاف ما إذا قال: (لا أكلمه أياما ً): إنه يدخل فيه الليالي.

ثم إذا قال (والله لا أكلمك جمعا ً) فهو على ثلاث جمع؛ لأن أقل الجمع الصحيح ثلاثة، فيحمل عليه. وإذا قال: (الجمع) يقع اليمين على عشر جمع عند أبي حنيفة، وكذلك الأيام والأزمنة والأحايين والشهور والسنين: يقع اليمين على عشرة أيام، وعشرة أحايين أو أزمنة وعشرة أشهر وعشر سنين؛ لأن أكثر ما تناوله اسم الأيام ونحوه: هو عشرة؛ لأن بعد العشرة لا يقال: أيام، بل يقال: أحد عشر يوماً، ومئة يوم، وألف يوم.

وقال الصاحبان: في الجُمَع والسنين يقع على الأبد، وكذا في الأحايين والأزمنة، وفي الأيام يقع على سبعة، وفي الشهور على اثني عشر؛ لأن الأصل


(١) البدائع: ٣ ص ٥٠، فتح القدير: ٤ ص ٧٢.
(٢) المغني: ٧٨٩/ ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>