تداخلاً غير مقصود، كتداخل اللغات بعضها ببعض في لسان العرب. فالمقلد لم يقلد كل إمام في مجموع عمله، وإنما قلد كلا من الإمامين في مسألة معينة غير التي قلد فيها غيره، ومجموع العمل لم يوجب أحد النظر إليه لا في اجتهاد ولا في تقليد.
وأما اشتراط بعض العلماء لجواز التلفيق ضرورة مراعاة الخلاف بين المذاهب، فهو أمر عسير، سواء في العبادات أو في المعاملات، وذلك يتنافى مع سماحة الشريعة ويسرها ومسايرتها لمصالح الناس.
وأما ادعاء وجود الإجماع (من قِبَل ابن حجر وغيره من بعض علماء الحنفية) على عدم جواز التلفيق، فيحتاج إلى دليل، وليس أدل على عدم قيام مثل هذا الإجماع من وجود اختلاف واضح بين العلماء في مسألة التلفيق. قال الشفشاوني في تركيب مسألة من مذهبين أو أكثر:«إن الأصوليين اختلفوا في هذه المسألة، والصحيح من جهة النظر جوازه» وحكى الثقات الخلاف أيضاً كالفهامة الأمير والفاضل البيجوري. هذا وإن مثل هذا الإجماع المدعى المنقول بطريق الآحاد لايوجب العمل عند جمهور العلماء، ولعل المراد بهذا الإجماع هو اتفاق الأكثر أو أهل مذهب ما.
وسأذكر هنا بإيجاز أقوال علماء المذاهب في إباحة التلفيق (١):
١ - الحنفية: قال الكمال بن الهمام وتلميذه ابن أمير الحاج في التحرير
(١) رسم المفتي:٦٩/ ١، التحرير وشرحه: ٣٥٠/ ٣ ومابعدها، الإحكام في تمييز الفتاوى عن الأحكام للقرافي: ص٢٥٠ ومابعدها، عمدة التحقيق في التقليد والتلفيق للباني: ص١٠٦ ومابعدها، المؤتمر الأول لمجمع البحوث الإسلامي، بحث الأستاذ الشيخ السنهوري: ص٨٣ ومابعدها، وبحث الشيخ عبد الرحمن القلهود: ص ٩٥ ومابعدها.