أصاب شيئاً من ذلك، فعوقب به، فهو كفارة له، ومن أصاب شيئاً من ذلك، فستره الله عليه، فأمره إلى الله: إن شاء عفا عنه، وإن شاء عذبه».
وما أكثر الآيات القرآنية المعبرة عن مبدأ الإنصاف المطلق المذكور، وعن عدالة الله الشاملة في عباده الذين امتثلوا، أوخالفوا وقصروا، أو كانوا رسل خير وهداية وإصلاح أو دعاة شر وضلال وفساد، ليكون ذلك مبعث الاستقامة، وتهديداً وترهيباً للجناة والمجرمين، قال الله تعالى:{ولتكن منكم أمةٌ يَدعون إلى الخير، ويأمرون بالمعروف، ويَنْهون عن المنكر، وأولئك هم المفلحون. ولاتكونوا كالذين تفرّقوا واختلفوا، من بعد ما جاءهم البيِّنات، وأولئك لهم عذاب عظيم. يوم تبْيَضُّ وجوه، وتسوّد وجوه، فأما الذين اسوّدت وجوههم، أكفرتم بعد إيمانكم، فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون. وأما الذين ابيضت وجوههم، ففي رحمة الله هم فيها خالدون. تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق، وما الله يريد ظلماً للعالمين}[آل عمران:١٠٤/ ٣ - ١٠٨].
وأما العقوبات الدنيوية في الإسلام، فهي نوعان:
١ ـ الحدود: وهي العقوبات المقدرة من الشارع نوعاً ومقداراً بالنصوص الصريحة (١)، وهي محدودة جداً، وعددها خمسة أنواع في رأي الحنفية: حد الزنا، وحد القذف، وحد السرقة، ويشمل حد الحرابة أو قطع اليد، وحد شرب الخمر، وحد المسكر، وقد قصروها على ما شرع حقاً لله تعالى، أي مراعاة للصالح أو النفع العام، ولم يجعلوا القصاص من الحدود، لأن المقصود به والغالب فيه مراعاة حق العبد أو الإنسان.
(١) المبسوط للسرخسي: ٣٦/ ٩، فتح القدير: ١١٢/ ٤، البدائع: ٣٣/ ٧، تبيين الحقائق للزيلعي: ١٦٣/ ٣، رد المحتار لابن عابدين على الدر المختار: ١٥٤/ ٣، اللباب شرح الكتاب: ٧٢/ ٢.