للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأبي يوسف. وقال محمد: يحد بالإقرار أو الشهادة بعد ذهاب الرائحة، ولكن دون شهر في الشهادة.

واختلفوا في إثبات الشرب بالرائحة:

فقال المالكية: يجب الحد بالرائحة إذا شمها شاهدان عدلان في فمه أو تقيأها، وشهدا بذلك عند الحاكم؛ لأن ابن مسعود جلد رجلاً وجد منه رائحة الخمر (١)، وتشبيهاً للشهادة على الرائحة بالشهادة على الصوت (٢).

وقال الحنفية والشافعية والحنابلة: لا حد على من وجد منه رائحة الخمر أو تقيأها؛ لأن الرائحة يحتمل أنه تمضمض بها أو حسبها ماء، فلما صارت في فمه مجها، أو ظنها لا تسكر، أو كان مكرهاً أو مضطراً أو غالطاً، أو شرب شراب التفاح، فإنه يكون منه كرائحة الخمر، وإذا احتمل ذلك لم يجب الحد بالشك؛ لأن الحد يدرأ بالشبهة، ولا يستوفيه القاضي بعلمه أيضاً (٣).

ويلاحظ أنه لا يقام الحد على السكران حال سكره، وإنما يؤخره إلى الصحو باتفاق الأئمة، ليتحقق مقصود الحد من الانزجار.


(١) رواه الطبراني وعبد الرزاق وإسحاق بن راهويه عن أبي ماجد الحنفي، قال: جاء رجل بابن أخ له سكران إلى عبد الله بن مسعود، فقال عبد الله: ترتروه ومزمزوه (أي حركوه تحريكاً عنيفاً لعله يصحو) واستنكهوه، ففعلوا، فرفعه إلى السجن، ثم عاد به من الغد، ودعا بسوط، ثم أمر بثمرته فدقت بين حجرين، حتى صارت درة، ثم قال للجلاد: اجلد وأرجع تلك، وأعط كل عضو حقه (راجع نصب الراية: ٣٤٩/ ٣، مجمع الزوائد: ٢٧٥/ ٦، ٢٧٩).
(٢) حاشية الدسوقي: ٣٥٣/ ٤، بداية المجتهد: ٤٣٦/ ٢، المنتقى على الموطأ: ١٤٢/ ٣، القوانين الفقهية: ص ٣٦٢.
(٣) فتح القدير: ١٨٠/ ٤، ١٨٦، تبيين الحقائق: ١٩٦/ ٣، الكتاب مع اللباب: ١٩٣/ ٣، مختصر الطحاوي: ص ٢٨٠، مغني المحتاج: ١٩٠/ ٤، المغني: ٣٠٩/ ٨، حاشية الباجوري على متن أبي شجاع: ٢٤٦/ ٢، غاية المنتهى: ٣٣٠/ ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>