للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا ينبغي للإمام أن يقطع من الموات إلا ما قدر المقطع على إحيائه؛ لأن في إقطاعه أكثر من هذا القدر تضييقاً على الناس في حق مشترك بينهم، مما لا فائدة فيه، فيدخل به الضرر على المسلمين.

فإن أقطع الإمام أحداً أكثر من القدر الذي يمكن إحياؤه، ثم تبين عجزه عن عمارته أو إحيائه استرجعه الإمام منه، كما استرجع عمر من بلال بن الحارث ماعجز عن عمارته، من العقيق الذي أقطعه إياه رسول الله صلّى الله عليه وسلم. وهذا هو المراد بالمصلحة التي يجوز الإقطاع لأجلها؛ لأن الحكم يدور مع علته.

وللإمام عند الحنابلة إقطاع غير موات تمليكاً، وانتفاعاً للمصلحة (١). ويجوز الإقطاع من مال الخراج، كما يجوز من مال الجزية (٢).

وقال المالكية (٣): لا يقطع الإمام معمور أرض العنوة كأرض مصر والشام والعراق، أي الصالحة لزرع الحب ملكاً؛ لأنها وقف عندهم، بل يقطعها إمتاعاً وانتفاعاً. وأما ما لا يصلح لزرع الحب، وإن صلح لغرس الشجر، وليس من العقار، فإنه من الموات، يقطعه ملكاً وانتفاعاً.

وأما أرض الصلح فلا يقطعها الإمام لأحد مطلقاً؛ لأنها مملوكة لأربابها.

٢ - حكم إقطاع العامر وهو إقطاع الإرفاق: قال الشافعية والحنابلة (٤): يجوز إقطاع ما بين العامر من الرحاب للمساجد ونحوها، ومقاعد الأسواق، والطرق الواسعة، إقطاع انتفاع، ولا يملكه المقطع وإنما ينتفع به ما لم يضيق على


(١) كشاف القناع: ٢١٧/ ٤.
(٢) المرجع السابق.
(٣) الشرح الصغير: ٩١/ ٤ ومابعدها، الشرح الكبير: ٦٨/ ٤.
(٤) المهذب: ٤٢٧/ ١، المغني: ٥٢٦/ ٥، كشاف القناع: ٢١٧/ ٤، الأحكام السلطانية للماوردي: ص١٨٤، الأحكام السلطانية لأبي يعلى: ص ٢١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>