للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأنها تمليك منفعة عقار أو غيره لشخص بغير عوض مدة حياته. فإذا مات المعمر له رجع الشيء المعمر لمن أعمره له، إن كان حياً، ولورثته إن كان ميتاً.

وأما الرقبى: فهي اتفاق اثنين على أن من مات منهما قبل الآخر يكون ماله للآخر الحي.

والخلاصة: أجاز أكثر العلماء العمرى والرقبى، على أنهما نوعان من الهبة يفتقران إلى الإيجاب والقبول والقبض ونحوه. ومنع الحنفية والمالكية الرقبى وأجازوا العمرى.

ومثال الإيجاب المقترن بالمنفعة (المنحة): أن يقول: (هذه الدار لك سكنى)، أو (هذه الشاة، أو هذه الأرض لك منحة) فهي عارية باتفاق الحنفية (١)؛ لأنه لما ذكر (السكنى) دل على أنه أراد تمليك المنافع، ولأن المنحة عبارة عن بذل المنافع، فإذا أضاف ذلك إلى عين ينتفع بها مع بقائها، عمل بحقيقته.

أما إذا أضاف إلى شيء لا ينتفع به إلا باستهلاكه، كما إذا منحه طعاماً، أو لبناً، فإنه يكون هبة؛ لأنه لا منفعة له مع قيام عينه.

وبناء على هذه التفرقة قالوا: إن عارية الأعيان تمليك المنافع، وعارية المكيل والموزون ومنها الدراهم والدنانير قرض، ويكون تمليك العين (٢)، فالعارية: هي عارية استعمال. والقرض: هو عارية استهلاك.

وكذا لو قال: (هذه الدار لك سكنى عمرى، أو عمرى سكنى) فهي عارية، لأنه لما ذكر السكنى دل على أنه أراد تمليك المنافع، ولأن قوله: (سكنى) موضوع


(١) هذا في استعمال الماضين، وفي عصرنا يراد بالمنحة الهبة تماماً.
(٢) البدائع: ٢١٥/ ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>