يطغى على حساب المجموع، ولا للجماعة أن تسحق مصلحة الفرد لحساب المجتمع، وذلك منعاً من الإخلال بميزان العدالة، ورعاية للحقين معاً بقدر الإمكان، فإذا تعارضت المصلحتان في ظرف استثنائي مثلاً، وتعذر التوفيق بينهما، قدمت المصلحة العامة على المصلحة الخاصة دفعاً للضرر العام، ولكن مع المحافظة على حق الفرد في التعويض.
وعلى أساس هذه النظرة المتوازنة، نظر الإسلام إلى المال، فاعترف بمصلحة الفرد فيه وبحقه في تملكه، كما أنه اعترف بمصلحة الجماعة وبحقها في التملك، وحينئذ تتجاور في الوجود الإسلامي الملكية الخاصة مع الملكية العامة وملكية الدولة، ويكون للإسلام عندئذ غاية مزدوجة رسم لها الشرع حدوداً معينة واضحة، فهو حين يبيح الملكية الفردية من حيث المبدأ فإنه يضع لها حدوداً وقيوداً تمنع اتخاذها سبيلاً للضرر كما ذكرت، ويسخرها نحو مصلحة المجتمع، وللمجتمع استرداد هذه الملكية أو تعديلها إذا وجد فيما يفعل مصلحة عامة، وذلك كله حماية للمصالح الأساسية التي شرعت من أجلها الحقوق، ودرءاً للتعسف والظلم. وبه يتبين أنه لا خطورة في تشريع الإسلام في اعترافه بالملكية الفردية مادام يملك إلغاءها أو تعديلها.
وبإيجاد هذا النوع من التوازن الاقتصادي بين مصلحتي الفرد والجماعة على أسس من العدل، وحسبما تقتضي المصلحة، استطاع الإسلام حل المشكلة الاقتصادية التي يثيرها الاقتصاديون وهي: كيف يستطيع المجتمع تأمين إشباع الحاجات الكثيرة المتعددة بموارد الطبيعة المحدودة لديه؟
إن إجابة الإسلام عن هذه المشكلة هي أن الطبيعة ليست بخيلة ولا عاجزة عن تلبية حاجات الإنسان، فهي من صنع الله الذي تكفل بالرزق. لجميع مخلوقاته،