للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحل له الأكل، فيصير بعد سد رمقه كما كان قبل أن يضطر، وحينئذ لم يبيح له الأكل، فكذا بعد زوال حالة الضرورة.

٢ - وقال المالكية على المعتمد (١): يجوز للمضطر التناول من الحرام حتى يشبع، وله التزود (ادخار الزاد) من الميتة ونحوها، إذا خشي الضرورة في سفره، فإذا استغنى عنها طرحها، لأنه لا ضرر في استصحابها، ولا في إعدادها لدفع ضرورته وقضاء حاجته، ولكن لا يأكل منها إلا عند ضرورته.

ودليلهم أن الضرورة ترفع التحريم، فتعود الميتة جميعها ونحوها مباحة لظاهر قوله تعالى: {فمن اضطر غير باغ ولا عاد} [البقرة:١٧٣/ ٢]. ومقدار الضرورة إنما هو في حالة عدم القوت إلى حالة وجوده، ولأن كل طعام يباح، جاز أن يأكل منه الإنسان قدر سد الرمق، جاز له أن يشبع منه كالطعام الحلال.

هذا إذا كانت المخمصة نادرة في وقت ما، فإن كانت المجاعة عامة مستمرة، فلا خلاف بين العلماء في جواز الشبع من الميتة ونحوها من سائر المحظورات.

ويتفق الشافعية، والحنابلة في أصح الروايتين (٢) مع المالكية في جواز التزود من المحرَّمات، ولو رجا الوصول إلى الحلال. ويبدأ وجوباً بلقمة حلال ظفر بها، فلا يجوز له أن يأكل من الحرام حتى يأكلها لتتحقق الضرورة.

وصرح الشافعية: لو عمَّ الحرام الأرض بحيث لا يوجد فيه حلال إلا نادراً، جاز استعمال ما يحتاج إليه، ولا يقتصر على الضرورة، بل على الحاجة. وعلل العز بن عبد السلام (٣) جواز تناول الحرام حينئذ، دون أن يقتصر على الضرورات بقوله: لأن المصلحة العامة كالضرورة الخاصة.


(١) بداية المجتهد: ٤٦٢/ ١، أحكام القرآن لابن العربي: ٥٥/ ١، الشرح الكبير: ١١٦/ ٢ ومابعدها، القوانين الفقهية: ص ١٧٣، تفسير القرطبي: ٢٢٦/ ٢ ومابعدها.
(٢) مغني المحتاج: ٣٠٧/ ٤، المغني: ٥٩٧/ ٨، كشاف القناع: ١٩٤/ ٦.
(٣) قواعد الأحكام: ١٦٠/ ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>