للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنزل الله فيهم ما قد علمت، فكيف ترى فيه؟ فقال لها النبي صلّى الله عليه وسلم: أرضعيه حتى يدخل عليه» (١)، فأرضعته خمس رضعات فكان بمنزلة ولدها، وبناء عليه كانت عائشة تأمر بنات أخواتها وبنات إخوتها يرضعن من أحبت عائشة أن يراها، ويدخل عليها، وإن كان كبيراً خمس رضعات (٢).

واستدل الجمهور على اشتراط كون الرضاع في حال الصغر بما يأتي:

أولاً ـ بقوله تعالى: {والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة} [البقرة:٢٣٣/ ٢] فإنه تعالى جعل تمام الرضاعة في الحولين، فأفهم أن الحكم بعد الحولين بخلافه. وقال تعالى: {وفصاله في عامين} [لقمان:١٤/ ٣١] أي فطامه، فدل على أن أكثر مدة الرضاع المعتبرة شرعاً سنتان.

ثانياً ـ بخبر: «لا رضاع إلا ماكان في الحولين» (٣) وخبر: «لا يحرِّم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء في الثدي، وكان قبل الفطام» (٤) وخبر «لا رضاع بعد فصال، ولا يُتْم بعد احتلام» (٥). وقال الشافعي رضي الله عنه عن حديث سهلة: إنه رخصة خاصة بسالم، وكذلك قال الحنابلة وغيرهم، جمعاً بين الأدلة.

ثبت عن عائشة أنها قالت: «دخل علي رسول الله صلّى الله عليه وسلم وعندي رجل، فقال: من هذا؟ قلت: أخي من الرضاعة، قال: يا عائشة، انظُرن من إخوانكُنّ، فإنما


(١) رواه أحمد ومسلم عن زينب بنت أم سلمة (نيل الأوطار: ٣١٣/ ٦).
(٢) قيل: إن هذا رخصة لسهلة، وما روي عن عائشة لا يتفق مع نزاهتها ومكانتها الدينية التي تأبى عليها أساليب الاحتيال، أو أنها تحلب الحليب من ثديها ثم تعطيه له.
(٣) رواه الدارقطني عن ابن عباس (نيل الأوطار: ٣١٥/ ٦).
(٤) رواه الترمذي وصححه عن أم سلمة (المرجع السابق).
(٥) رواه أبو داود الطيالسي في مسنده عن جابر (المرجع السابق).

<<  <  ج: ص:  >  >>