للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وماله وعرضه ومظلمته، إذا أريد ظلماً، بغير تفصيل، إلا أن كل من يحفظ عنه من علماء الحديث كالمجمعين على استثناء السلطان، للآثار الواردة بالأمر بالصبر على جوره، وترك القيام عليه.

وعبارة الحنفية في هذا الشأن هي كما قال الدهلوي: تنعقد الخلافة باستيلاء رجل جامع للشروط على الناس، وتسلطه عليهم كسائر الخلفاء بعد النبوة. ثم إن استولى من لم يجمع الشروط (أي المطلوبة لتولي الإمامة) لا ينبغي أن يبادر إلى المخالفة؛ لأن خلعه لا يتصور غالباً إلا بحروب ومضايقات، وفيها من المفسدة أشد مما يرجى من المصلحة. «وسئل رسول الله صلّى الله عليه وسلم عنهم، فقيل: أفلا ننابذهم؟ قال: لا، ما أقاموا فيكم الصلاة، وقال: إلا أن تروا كفراً بَوَاحاً، عندكم من الله فيه برهان (١)».

يظهر من هذا الكلام أن القهر حالة استثنائية غير متفقة مع الأصل الموجب لكون السلطة قائمة بالاختيار، وإقرارها فيه مراعاة لحال واقعة للضرورة ومنعاً من سفك الدماء.

وعبارة المالكية كما قال الدسوقي: اعلم أن الإمامة العظمى تثبت بأحد أمور ثلاثة:

إما بإيصاء الخليفة الأول المتأهل لها؛ وإما بالتغلب على الناس؛ لأن من اشتدت وطأته بالتغلب، وجبت طاعته، ولا يراعى في هذا شروط الإمامة؛ إذ المدار على درء المفاسد، وارتكاب أخف الضررين؛ وإما ببيعة أهل الحل والعقد: وهم من اجتمع فيهم ثلاثة أمور: العلم بشروط الإمام، والعدالة، والرأي.


(١) ورد ذلك في رواية للبخاري من حديث رواه البخاري ومسلم والموطأ والنسائي عن عبادة بن الصامت (جامع الأصول: ١٦٥/ ١ - ١٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>