وعبارتهم في الموضوع:«لا ينتفع المرتهن من الرهن بشيء، إلا ما كان مركوباً أو محلوباً، فيركب ويحلب بقدر العلف». وإن كان الرهن بثمن مبيع، أو أجر دار أو دين غير القرض، فأذن له الراهن في الانتفاع، جاز، أي ولو مع المحاباة في الأجرة.
وإن كان الانتفاع بعوض هو أجر المثل من غير محاباة، جاز في القرض وغيره، لكونه لم ينتفع بالقرض، بل بالإجارة. وإن حاباه لا يجوز في القرض، ويجوز في غيره.
والخلاصة: أن الانتفاع إن كان بعوض جاز في القرض وغيره إن كان بأجر المثل، وإن كان بغير عوض لا يجوز في القرض، وإذا انتفع المرتهن من غير إذن الراهن، حسب من دينه.
وأما الحيوان: فيجوز للمرتهن أن ينتفع به إن كان مركوباً أو محلوباً، على أن يركب ويحلب، بقدر نفقته، متحرياً العدل في النفقة، وإن لم يأذنه الراهن.
ودليلهم الحديث السابق:«الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهوناً، ولبَن الدَّر يُشرب بنفقته إذا كان مرهوناً، وعلى الذي يركب ويشرب النفقة» وجملة «الظهر يركب، والدر يشرب» جملة خبرية في معنى الإنشاء مثل: {والوالدات يرضعن أولادهن}[البقرة:٢٣٣/ ٢]، ولأن التصرف معاوضة، والمعاوضة تقتضي المساواة بين البدلين.
لكن قال ابن القيم في أعلام الموقعين: لا ضرورة إلى المساواة بين البدلين؛ لأن الشارع ساوى بينهما، ويعسر علينا أمر الموازنة بين الركوب واللبن وبين النفقة.
ولم يعمل الجمهور بهذا الحديث، وقالوا: إنه حديث ترده أصول وآثار صحيحة. ويدل على نسخه حديث:«لا تحلب ماشية امرئ بغير إذنه»(١)، وحديث:«لا يغلق الرهن من صاحبه الذي رهنه، له غنمه وعليه غرمه».
(١) أخرجه البخاري في أبواب المظالم عن ابن عمر (سبل السلام: ٥١/ ٣).