فأما ما يتعلق بحق الله تعالى: فهو كترك الصلاة والصوم. والتوبة لا تصح منه، حتى ينضم إلى الندم قضاء ما فات منها.
وأما ما يتعلق بحقوق العباد: فهو كترك الزكاة وقتل النفس وغصب الأموال وشتم الأعراض، والتوبة منه تكون برد الحق لصاحبه. ففي حال التفريط بالزكاة يجب القضاء. وفي القتل تكون التوبة بالتمكين من القصاص إن كان عليه، وكان مطلوباً منه قضاء. وفي القذف ببذل ظهره للجلد إن كان مطالباً به. فإن عفي عنه أو عن القتل مجاناً كفاه الندم والعزم على ترك العود بالإخلاص. فإن عفي عن القتل بمال فعليه أداؤه إن كان واجداً له، قال الله تعالى:{فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان}[البقرة:١٧٨/ ٢]. وكذلك شراب الخمر والسراق والزناة إذا أصلحوا وتابوا سقط الحد عنهم في رأي بعض العلماء كما سيأتي تفصيل الكلام فيه.
وإن كان الذنب من مصالح العباد، فلا تصح التوبة عنه إلا برده إلى صاحبه والخروج عنه ـ عيناً كان أو غيره ـ إن كان قادراً عليه. فإن لم يكن قادراً فالعزم أن يؤديه إذا قدر في أعجل وقت وأسرعه.
وإن كان العاصي أضر بآخر فإنه يزيل ذلك الضرر عنه، ثم يطلب منه العفو والاستغفار له، فإذا عفا عنه، سقط الذنب عنه.
وإن أساء رجل إلى آخر بأن فزَّعه بغير حق، أو غمه، أو لطمه، أو صفعه بغير حق أو ضربه بسوط فآلمه، أو شانه بشتم لا حد فيه ثم ندم واستعفى من المضرور، وعزم على ألا يعود فعفا عنه صاحب الحق، سقط عنه ذلك الذنب.