وقال أبو يوسف رحمه الله: العبرة بمباشرة إخراج المتاع، فإن أخرجه الصبي أو المجنون، درئ الحد عن الجميع، وإن باشر الإخراج غيرهما قطع، ولا يقطع الصبي أو المجنون؛ لأن الإخراج من الحرز هو الأصل في السرقة، والإعانة كالتابع.
ودليل أبي حنيفة وزفر: أن السرقة واحدة، وقد حصلت ممن يجب عليه القطع وممن لا يجب عليه القطع، فلا يجب القطع على أحد، كالعامد مع الخاطئ إذا اشتركا في جريمة، وإخراج السرقة حصل من الكل من ناحية المعنى (١).
واشتراط البلوغ والعقل في السارق لإقامة الحد متفق عليه، وأضاف الشافعية والحنابلة شرط كونه مختاراً، التزم أحكام الإسلام، فلا يجب الحد على مكره، لحديث:«رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» ولا تجب على الحربي؛ لأنه لم يلتزم حكم الإسلام. وفي وجوب الحد على المستأمن والمهادن قولان عندهم: أحدهما ـ أنه لا يجب عليه حد السرقة؛ لأنه حق خالص لله تعالى، فلم يجب عليه كحد الشرب والزنا. والثاني ـ أنه يجب عليه؛ لأنه حد يجب لصيانة حق الآدمي، فوجب عليه كحد القذف.
وأضاف المالكية ألا يكون للسارق على المسروق منه ولادة، فلا يقطع الأب في سرقة مال ابنه لقوة الشبهة الآتية من حديث جابر عند ابن ماجه:«أنت ومالك لأبيك». وزاد الشافعي وأحمد ومالك الجد، فلا يقطع في مال حفيده، وزاد أبو حنيفة كل ذي رحم محرم، واختلفوا في الزوج والزوجة إذا سرق كل واحد منهما من مال صاحبه، كما سأوضح. وأضاف المالكية أيضاً ألا يضطر السارق إلى
(١) البدائع: ٦٧/ ٧، تبيين الحقائق للزيلعي: ٢١١/ ٣، فتح القدير: ٢٢٠/ ٤، المهذب: ٢٧٧/ ٢، القوانين الفقهية: ص ٣٥٩.