للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورثته، ويجري فيه التداخل كما في قذف الجماعة، فيجب حد واحد إذا تكرر القذف كما سبق بيانه.

وإذا طلب المقذوف من القاضي أن يستحلف القاذف، فلا يحلفه كما في حد الزنا. ومثل حد القذف: حد الزنا والشرب والسكر والسرقة.

وبناء على القول الثاني، وهو مذهب الشافعية والحنابلة: يصح للمقذوف ولو بعد رفع الأمر للحاكم إسقاط الحد والإبراء منه، والعفو عنه، والصلح، والاعتياض عنه، ويورث حق المطالبة بحد القذف؛ لأنه من حقوق العباد. أما حديث صفوان الآتي فهو في حد السرقة الذي هو حق لله تعالى. ودليلهم ما رواه ابن السني أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: «أيعجز أحدكم أن يكون كأبي ضمضم كان يقول: تصدقت بعرضي» أي بنفسي، والتصدق بالعرض لا يكون إلا بالعفو عما يجب له.

وأما التداخل: فلا يجري فيه عندهم، حتى لو قذف جماعةً، كل واحد منهم على انفراد، وجب لكل واحد منهم حد كما سبق بيانه وتفصيله.

وإذا ادعى شخص على رجل أنه قذفه فيستحلف؛ لأنه حق لآدمي كالدين.

وأما مذهب المالكية فمختلف فيه؛ لأن قول مالك اختلف: فمرة قال بقول الشافعي: وهو أن حد القذف حق للآدمي، فيجوز فيه العفو وهو الأظهر عند ابن رشد، ومرة قال: فيه حقان: حق لله وحق للعبد، إلا أنه يغلب فيه حق الإمام إذا وصل إليه أمر الحد، فإذا رفع أمر الحد إلى الإمام لا يملك المقذوف العفو عن الحد، إلا إذا أراد المقذوف الستر على نفسه، تغليباً لحق ولي الأمر إذا وصل إليه الحد، قياساً على الأثر الوارد في السرقة (١)، وهو أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال


(١) انظر بداية المجتهد: ٤٣٣/ ٢ وما بعدها، المنتقى على الموطأ: ١٤٨/ ٧، حاشية الدسوقي: ٣٣١/ ٤، الفروق للقرافي: ١٤١/ ١، القوانين الفقهية: ص ٣٥٨، تهذيب الفروق: ١٥٧/ ١، الفروق: ١٤١/ ١، ١٧٥/ ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>