للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يستأجره لبناء حجرة في داره أو لبناء سقيفة أو إيوان أو لحفر بئر أو قناة أو نهر في ملكه أو فيما في يده، فعمل بعضه، فله أن يطالب بقدر العمل من الأجرة.

ولكن يجبر على إتمام العمل حتى إنه لو انهدم البناء أو انهارت البئر أو سقط الإيوان، فإن كان بعد الفراغ من العمل لم يسقط شيء من الأجرة، وإن كان قبل الفراغ من العمل يجب بقدر حصة العمل.

هذا بخلاف ما إذا كان العمل في غير ملك المستأجر أو في يده، فإن الأجرة حينئذ يتوقف وجوبها على تمام العمل، فما لم يسلم الأجير العمل لا يصير المستأجر قابضاً للمعقود عليه، ويسقط الأجر إذا فسد المعقود عليه أو هلك قبل التسليم.

وبناء عليه: إذا استأجر شخص إنساناً ليضرب له لبناً في ملكه أو فيما في يده فلا يستحق اللبّان الأجرة، ولا يصير المستأجر قابضاً حتى يجف اللبن وينصبه في قول أبي حنيفة؛ لأن ذلك من تمام هذا العمل. وفي قول الصاحبين: لا يستحق الأجرة حتى يشرجه (١)؛ لأن تمام العمل به، ويترتب على هذا الخلاف أنه لو تلف اللبن قبل نصبه في قول أبي حنيفة، وقبل التشريج في قول الصاحبين، فلا أجر له لأنه تلف قبل تمام العمل (٢).

أما إذا كان ضرب اللبن في غير ملك المستأجر أو في غير يده، فلا يستحق الأجير الأجرة إلا بالتسليم إلى صاحب اللبن، والتسليم: هو أن يخلي الأجير بين اللبن وبين المستأجر، بعد نصبه عند أبي حنيفة، وبعد تشريجه عند الصاحبين؛ لأن اللبن لم يكن في يد المستأجر، حتى يصير العمل مسلماً إليه، فلا بد من التخلية بعد الفراغ من العمل.


(١) شرَّج اللبن: نضد بعضه إلى بعض.
(٢) المبسوط: ١٦ ص ٥٨، تبيين الحقائق: ٥ ص ١١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>