شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً} [النساء:٤/ ٤] فإذا كان طيب النفس هو المبيح للصداق، فكذلك سائر التبرعات.
أما استثناء الشرط أو العقد المناقض حكم الله ورسوله، فلقوله صلّى الله عليه وسلم في الحديث المتقدم:«من أحدث في أمرنا ـ أو ديننا ـ هذا ما ليس منه فهو رد» وفي لفظ «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» فكل شرط يناقض حكم الله ورسوله يكون باطلاً باتفاق المسلمين، كاشتراط التعامل بالربا أو الاتجار في الخمر ونحو ذلك، لقوله صلّى الله عليه وسلم:«كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل» والمقصود بالشرط الذي ليس في كتاب الله: هو ما فسره عمر بن الخطاب في رسالته لأبي موسى الأشعري في القضاء: «والصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً أحل حراماً، أو حرم حلالاً».
وأما استثناء الشرط المنافي لمقصود العقد، كاشتراط عدم الانتفاع بالمشترى ببيع أو إيجار، فلأنه جمع بين المتناقضين، أي بين إثبات المقصود ونفيه، فلا يحصل شيء.
ويلاحظ أن الحنابلة حصروا الشرط المنافي في المناقضة لمقصود العقد الأصلي. فلو شرط البائع على المشتري ألا يبيع ما اشتراه، فإنه يكون منافياً أو مبطلاً للمقصود الأصلي من العقد، وهو الملك المبيح للتصرف. أما إذا شرط البائع منفعة أخرى كسكنى الدار أو زراعة الأرض، فإنه لا يكون منافياً لمقتضى العقد، ويكون الشرط صحيحاً. وكذلك في الزواج لو شرط فيه ألا تحل به المتعة الزوجية يبطل العقد، لكن لو شرط فيه عدم ممارسة الاستمتاع الزوجي يصح العقد ويلغو الشرط.
أما الحنفية فقد توسعوا في تفسير المنافاة، وقالوا: كل ما يكون من الشروط فيه منفعة لأحد المتعاقدين، يكون منافياً لمقتضى العقد.
والخلاصة: إن الحنابلة وموافقيهم يرون أن الشريعة فوضت لإرادة العاقدين