للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غير إقليم الدولة البري أو البحري أو الجوي، وتبادر الدولة على الفور إلى طرد دبلوماسي مثلاً لإطلاقه عياراً نارياً في شارع أو قرب سفارته، وتعلن الدولة صراحة كما حدث في بريطانيا في الأسبوعين الأخيرين من شهر أيلول (سبتمبر ١٩٨٨) قائلة لغير الإنجليز: إما أن تحترموا قوانيننا أو ترحلوا من بلادنا، حفاظاً على الأمن الداخلي والسلم والاستقرار.

وبالمقارنة بين هذا المثال والوضع في السودان يظهر لنا أن القضية إذن هي قضية قوة ونفوذ لحماية المبدأ والحق، فإن كانت هناك قوة، كان احترام المبدأ القانوني هو السائد، وإن كان هناك ضعف انحسر مبدأ القانون، وظهر الاستنكار والاستهجان في وسائل الإعلام من إذاعة وصحافة، وتجرأ الناقدون لوصف القانون الجنائي المستمد من شريعة الله تعالى بأنه متسم بالقسوة والشدة، وأنه سبب التفرقة والتجزئة والانقسام، وفصل جنوب السودان عن شماله!!

والواقع أن مشكلة جنوب السودان سياسية محضة تعتمد على دعم وتأييد خارجي، له بواعثه وأهدافه ومراميه المفروضة والمشبوهة المعروفة، وليس منشأ المشكلة قضية تطبيق الشريعة.

ومع كل هذا أودّ بيان مبدأ إقليمية القانون الجنائي والقضاء، وأقارن بين ما عليه القانون الوضعي في العقوبات، وبين ما قرره فقهاؤنا الشرعيون منذ قرون كثيرة، لمعرفة أوجه الشبه والاختلاف في هذا الموضوع المهم جداً، ولدحض ذرائع الذين يريدون التخلص من أحكام شريعة الله تعالى، بقصد إبقاء الجريمة ترتع وتمرح، ويكون المجرمون في أمان من العقاب الرادع الذي يستأصل الإ جرام ويقطع دابره.

من المعلوم أن الشريعة الغراء ذات المصدر الإلهي الوحيد الثابت الصحة

<<  <  ج: ص:  >  >>