ومتى أحج المعضوب عن نفسه، ثم عوفي، لم يجب عليه حج آخر؛ لأنه أتى بما أمر به، فخرج عن العهدة، كما لو لم يبرأ. وقال الشافعية والحنفية: يلزمه حج آخر؛ لأن هذا بدل إياس، فإذا برأ تبينا أنه لم يكن مأيوساً منه، فلزمه الأصل، كالآيسة إذا اعتدت بالشهور، ثم حاضت، لا تجزئها تلك العدة.
ولا يجوز الحج والعمرة عن حي إلا بإذنه فرضاً كان أو تطوعاً؛ لأنها عبادة تدخلها النيابة، فلم تجز عن البالغ العاقل إلا بإذنه كالزكاة.
٢ - الميت الذي وجب عليه الحج: من وجب عليه الحج، لاستكمال الشرائط السابقة المطلوبة، ثم توفي قبله، فرّط في الحج بأن أخره لغير عذر، أو لم يفرط كالتأخير لمرض يرجى برؤه أو لحبس أو أسر أو نحوه، أخرج عنه من جميع ما له حجة وعمرة، ولو لم يوص به. ويكون الإحجاج عنه من حيث وجب عليه، لا من حيث مكان موته؛ لأن القضاء يكون بصفة الأداء، بل يجب ألا يكون النائب من خارج بلده التي تبعد فوق مسافة القصر، ويجوز من نائب من بلد آخر دون مسافة القصر؛ لأن ما دونها في حكم الحاضر. وإن مات من وجب عليه الحج في الطريق أو مات نائبه في الطريق، حج عنه من حيث مات هو أو نائبه، فيما بقي مسافة وقولاً وفعلاً.
ويسقط الحج عن الميت بحج أجنبي عنه، ولو بلا إذن وليه؛ لأنه صلّى الله عليه وسلم شبَّهه بالدين، أي إن الحج عن الميت يجوز عنه بغير إذنه واجباً كان أو تطوعاً، بخلاف الحي؛ لأنه صلّى الله عليه وسلم أمر بالحج عن الميت، مع العلم أنه لا إذن له، وما جاز فرضه جاز نفله كالصدقة.
وإن وصى المسلم بحج نفل ولم يعين محل الاستنابة، جاز أن يحج عنه من الميقات أي ميقات بلد الموصي، ما لم تمنع منه قرينة بأن يوصي أن يحج بقدر يكفي