الأسس اللازمة لإسعاد الإنسان سعادة عادلة، ومنع استغلال الإنسان لغيره فرداً أو جماعة، سواء أكان استغلالاً اقتصادياً أم اجتماعياً أم سياسياً. وتتفاوت أنواع الاشتراكية تطرفاً واعتدالاً، بمقدار تنازل أفراد المجتمع للدولة عن الحريات السياسية والمالية. فكلما كان ذلك القدر المتنازل عنه أبعد عن محو شخصية الفرد ومسؤليته، كان أقرب إلى الوضع الطبيعي للإنسان.
ولكن الوسط الديني الإسلامي والمسيحي وأي دين نفر مما صاحب الاشتراكية السائدة من إلحاد وجحود لوجود الله وأصول الدين وعقيدة البعث بالذات بقصد إنصاف الطبقة الكادحة، مع أن هذا الجحود يذوب أمام براهين إثبات الإله المعروفة، بل ولا حاجة إليه إطلاقاً في ميدان العقل والتجربة لإنصاف تلك الطبقات المظلومة أو الكادحة، وإنما على العكس يقتضي العقل والتجربة أن تكون الدعوة لإنصاف هذه الطبقات أجدى فيما إذا اعتمدت على الإيمان بوجود الله وبالحساب يوم الجزاء.
ونتيجة لهذه النفرة مما اقترنت به الاشتراكية من إلحاد أو شيوع في الأموال والأعراض، فضّل كثير من كتاب الإسلام استخدام كلمة أخرى بديلة عنها وهي (العدالة الاجتماعية) أو (التكافل الاجتماعي) أو الضمان الاجتماعي: أي أن يكون كل فرد في الدولة في حمايتها ورعايتها بوصفها ممثلة للجماعة. وعندئذ يتحقق الضمان لآحاد الناس حين يجدون من المجتمع حماية وأمناً واستقراراً.
والحقيقة أن اللغة العربية لا تمنع قبول هذا المصطلح الذي ينبئ عن الاشتراك في الملكيات، كما أن فقه الإسلام الذي يقرر الاعتماد على المقاصد والمعاني لا ينفر من هذه الكلمة فيما تستهدفه من غايات إنسانية، مجردة من العيوب التي صاحبتها، وقد قال النبي صلّى الله عليه وسلم عن اشتراك الناس في مصادر الإنتاج الأساسية