للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن كان الشرط لا يؤدي إلى جهالة الربح يبطل الشرط ويصح القعد. مثل أن يشترط المالك أن تكون الخسارة على المضارب أو عليهما، فالشرط يبطل، ويبقى العقد صحيحاً، والخسارة تكون على المالك في مال المضاربة. والسبب في أن شرط الخسارة عليهما شرط فاسد: هو أن الخسارة تعتبر جزءاً هالكاً من المال، فلا يكون إلا على رب المال، لا أنه يؤدي إلى جهالة الربح، فيؤثر في العقد فيجعله فاسداً.

ومثله أيضاً: أن يدفع شخص لآخر ألف دينار مضاربة على أن الربح بينهما نصفان، وعلى أن يدفع إليه رب المال أرضه ليزرعها سنة أو داراً ليسكنها سنة فالشرط باطل، والمضاربة جائزة، لأنه ـ أي رب المال ـ ألحق بها شرطاً فاسداً لا يقتضيه العقد. أما لو كان المضارب هو المشروط عليه بأن شُرط عليه أن يدفع أرضه ليزرعها رب المال سنة أو يدفع داره إلى رب المال ليسكنها سنة، فإن المضاربة تفسد، لأنه جعل نصف الربح عوضاً عن عمله وعن أجرة الدار أو الأرض، فصارت حصة العمل مجهولة بالعقد، فلم يصح العقد (١).

وخلاصة ضابط الفساد عند الحنفية باقتران شرط في المضاربة: هو أنه إذا كان الشرط مؤدياً إلى عدم توافر شرط من شروط صحة المضاربة، فإنه يفسدها، كجهالة الربح أو عدم كمال تسليم المال إلى المضارب. أما إذا كان الشرط لا يمس شروط صحة المضاربة، فإن اشتراط شرط فاسد في المضاربة، لا يفسدها، وإنما يفسد الشرط ويلغو، وتصح المضاربة، كاشتراط الوضيعة (الخسارة) على المضارب، يبطل الشرط، وتصح المضاربة.

ولو جعل الربح كله لرب المال وقبل المضارب أن يعمل فيه بالمجان لم يكن العقد مضاربة، ولكن صار إبضاعاً أو مباضعة، والعامل فيه مستبضعاً.


(١) البدائع: ٨٦/ ٦، تكملة فتح القدير: ٦٢/ ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>