للمدعى عليه؛ لأن هذا الصلح بمنزلة البيع بالنسبة للمدعي، لا بالنسبة للمدعى عليه.
وتطبق هذه الأحكام إذا كان الصلح عن إقرار، واستحق بعض المصالح عنه، فيرجع المدعى عليه على المدعي بحصة المستحق من العوض المصالح به؛ لأن الصلح مع الإقرار كالبيع، وهذا هو حكم الاستحقاق في البيع. وإذا كان الصلح عن إنكار أو سكوت فاستحق المتنازع فيه كله، رجع المدعي بالخصومة على المستحق، لقيامه مقام المدعى عليه، ورد العوض المصالح به على من أخذه منه (١)؛ لأن المدعى عليه ما بذل العوض للمدعي إلا ليدفع خصومته عن نفسه، فإذا ظهر الاستحقاق تبين أنه لا خصومة له، فيبقى العوض في يده غير مشتمل على غرضه، فيسترده. وإن استحق بعض المتنازع فيه، رد حصته، ورجع بالخصومة فيه على المستحق.
رابعاً ـ الرد بخيار الرؤية في نوعي الصلح: لأن الخيار ثبت للمدعي فيستدعي كون الصلح معاوضة عن حقه.
خامساً ـ إنه لا يجوز التصرف في بدل الصلح قبل القبض إذا كان منقولاً في نوعي الصلح؛ فلا يجوز للمدعي بيعه وهبته ونحوهما. وإن كان عقاراً يجوز عند أبي حنيفة وأبي يوسف، وعند محمد: لا يجوز، كما هو معروف في بحث عقد البيع.
ويجوز للمصالح في الصلح عن القصاص أن يبيع بدل الصلح أو يبرئ عنه قبل القبض، كما يجوز البيع ونحوه في المهر والخلع؛ لأن المانع من جواز التصرف في الشيء قبل القبض: هو المحافظة على العقد من الانفساخ نتيجة هلاك الشيء،
(١) تكملة فتح القدير مع العناية، المرجع السابق: ص ٢٩، المبسوط: ١٤٩/ ٢٠ ومابعدها، تبيين الحقائق: ٣٢/ ٥، ٣٤، الكتاب مع اللباب: ١٦٤/ ٢.