للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن شاء يهودياً، وإن شاء نصرانياً» (١) ورواية الترمذي: «من ملك زاداً وراحلة تبلغه إلى بيت الله، ولم يحج فلا عليه أن يموت يهودياً أو نصرانياً، وذلك لأن الله تعالى قال في كتابه: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا} (٢) [آل عمران:٩٧/ ٣] وهي مع غيرها تدل على وجوب الحج على الفور، فإنه ألحق الوعيد بمن أخر الحج عن أول أوقات الإمكان؛ لأنه قال: «من ملك .. فلم يحج» والفاء للتعقيب بلا فصل، أي لم يحج عقب ملك الزاد والراحلة، بلا فاصل.

وقال الشافعية (٣) ومحمد من الحنفية: وجوب الحج على التراخي، وليس معناه تعين التأخير، بل بمعنى عدم لزوم الفور، ويسن لمن وجب عليه الحج أوالعمرة بنفسه أو بغيره ألا يؤخر ذلك عن سنة الإمكان، مبادرة إلى براءة ذمته، ومسارعة إلى الطاعات، لقوله تعالى: {فاستبقوا الخيرات} [البقرة:١٤٨/ ٢] ولأنه إذا أخره عرّضه للفوات ولحوادث الزمان. ويجوز أن يؤخره من سنة إلى سنة؛ لأن فريضة الحج نزلت على المشهور عندهم سنة ست، فأخر النبي صلّى الله عليه وسلم إلى سنة عشر من غير عذر، فلو لم يجز التأخير لما أخره.

وهذا الرأي أولى ليسره على الناس وعدم الحكم بالتأثيم، ولأن الأحاديث التي احتج بها الجمهور كلها ضعيفة، والحج فرض سنة ست عند نزول سورة آل عمران، كما حقق الشافعية، ومن قال: إنه فرض سنة عشر فقد أخطأ؛ لأن السورة نزلت قبلها قطعاً، لكن تعجيل الحج ضروري للاحتياط.


(١) رواه سعيد بن منصور وأحمد وأبو يعلى والبيهقي عن أبي أمامة مرفوعاً، وفيه ليث بن أبي سليم ضعيف (المرجع السابق).
(٢) قال الترمذي: غريب، في إسناده مقال، وفيه ضعف.
(٣) شرح المجموع: ٨٢/ ٧ ومابعدها، المهذب: ١٩٩/ ١، الإيضاح: ص ١٧، مغني المحتاج: ٤٦٠/ ١، ٤٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>