للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله، إن الله لا يهدي القوم الظالمين} [القصص:٢٨/ ٥٠]، {وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم} [المائدة:٥/ ٤٩]، {ياداود إنا جعلناك خليفة في الأرض، فاحكم بين الناس بالحق، ولا تتبع الهوى، فيضلك عن سبيل الله} [ص:٣٨/ ٢٦].

وبناءً عليه ألزم العلماء المفتي في إفتائه ألا يتبع أهواء الناس (١) بل يتبع المصلحة والدليل الراجح، والمصلحة المعتبرة هي مصلحة الكافة كما بينا. قال تعالى لنبيه: {ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولاتتبع أهواء الذين لايعلمون، إنهم لن يغنوا عنك من الله شيئاً} [الجاثية:٤٥/ ١٨ - ١٩]، قال القرافي في الإحكام والشيخ عليش في فتاويه (٢): «أما اتباع الهوى في الحكم والفتيا فحرام إجماعاً».

وقال ابن القيم: لايجوز للمفتي تتبع الرخص لمن أراد نفعه، فإن تتبع ذلك فسق، وحرم استفتاؤه (٣) وهذا المعنى هو الذي حمل الشاطبي ـ كما بينت سابقاً ـ على منع تتبع الرخص، فقد قال: وقد أدى إغفال هذا الأصل (أي اتباع أحد الدليلين أو القولين من غير ترجيح) إلى أن صار كثير من مقلدة الفقهاء يفتي قريبه أو صديقه بمالايفتي به غيره من الأقوال، اتباعا ً لغرضه، وشهوته، أو لغرض ذلك القريب وذلك الصديق (٤).

وهذا يدلنا على أن مراعاة المصلحة الخاصة في الأخذ بالأيسر أمر غير مرغوب فقهاً وشرعاً، وإنما ينبغي مراعاة المصلحة العامة أو مصلحة الكافة.


(١) أعلام الموقعين: ٧٤/ ١، الموافقات: ١٤٢/ ٤ ومابعدها، الاعتصام: ١٧٦/ ٢.
(٢) فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب مالك: ٦٨/ ١، الإحكام للقرافي: ص٧٩.
(٣) أعلام الموقعين: ٢٢٢/ ٤.
(٤) الموافقات: ١٣٥/ ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>