والسبب في اختلافهم اختلاف الأحاديث في هذا الموضوع، وهي أربعة أحاديث سبق ذكرها في أركان الصلاة وهي:
١ - حديث «لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب».
٢ - حديث مالك عن أبي هريرة: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم انصرف من صلاة جهر فيها بالقراءة، فقال: هل قرأ معي منكم أحد آنفاً؟ فقال رجل: نعم، أنا يا رسول الله، فقال رسول الله: إني أقول ما لي أنازع القرآن؟ فانتهى الناس عن القراءة فيما جهر فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلم.
٣ - حديث عبادة بن الصامت، قال: صلى بنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم صلاة الغداة، فثقلت عليه القراءة، فلما انصرف، قال: إني لأراكم تقرؤون وراء الإمام؟ قلنا: نعم، قال: فلا تفعلوا إلا بأم القرآن (١).
٤ - حديث جابر عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال:«من كان له إمام، فقراءته له قراءة» وفي معناه حديث خامس صححه أحمد بن حنبل وهو: «إذا قرأ الإمام فأنصتوا».
اختلف الفقهاء في الجمع بين هذه الأحاديث، فالشافعية استثنوا من النهي عن القراءة فيما جهر فيه الإمام قراءة أم القرآن فقط عملاً بحديث ابن الصامت.
والمالكية والحنابلة: استثنوا من عموم حديث «لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب» المأموم فقط في صلاة الجهر، للنهي الوارد عن القراءة فيما جهر فيه الإمام في حديث أبي هريرة، وأكد ذلك بظاهر قوله تعالى:{وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون}[الأعراف:٢٠٤/ ٧] قا لوا: وهذا إنما ورد في الصلاة.
والحنفية: استثنوا القراءة الواجبة على المصلي المأموم فقط، سراً كانت
(١) قال ابن عبد البر: حديث عبادة هنا من رواية مكحول وغيره، متصل السند، صحيح.