للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اتخاذ الزَّمِن ومن لا يرجى قدرته على القيام إماماً راتباً، يفضي إلى تركهم القيام، ولا حاجة إليه.

وعليه لا تصح الصلاة خلف عاجز عن القيام؛ لأنه عجز عن ركن من أركان الصلاة، فلم يصح الاقتداء به، كالعاجز عن القراءة إلا بمثله، إلا إمام الحي، المرجو زوال علته: وهو كل إمام مسجد راتب.

وإذا صلى إمام الحي جالساً، صلى من وراءه جلوساً، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه، وإذا صلى جالساً فصلوا جلوساً أجمعون» (١)، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «صلى بنا رسول الله صلّى الله عليه وسلم في بيته، وهو شاكٍ، فصلى جالساً، وصلى وراءه قوم قياماً، فأشار إليهم: أن اجلسوا، فلما انصرف قال: إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد، وإذا صلى جالساً، فصلوا جلوساً أجمعون» (٢)، ولأنها حالة قعود الإمام، فكان على المأمومين متابعته كحال التشهد.

فإن صلوا قياماً خلف إمام الحي المرجو زوال علته، صحت صلاتهم؛ لأنه صلّى الله عليه وسلم لم يأمر من صلى خلفه قائماً بالإعادة، ولأن القيام هو الأصل.

والأفضل لهذا الإمام إذا مرض أن يستخلف؛ لأن الناس اختلفوا في صحة إمامته، فيخرج من الخلاف، ولأن صلاة القائم أكمل، فيستحب أن يكون الإمام كامل الصلاة.


(١) متفق عليه قال ابن عبد البر: روي هذا مرفوعاً من طرق متواترة.
(٢) وروى أنس ونحوه، أخرجهما البخاري ومسلم، وروى جابر عن النبي ص مثله، أخرجه مسلم، ورواه أسيد بن حضير، وعمل به. قال ابن عبد البر: روي هذا الحديث عن النبي ص من طرق متواترة، من حديث أنس، وجابر، وأبي هريرة، وابن عمر، وعائشة، كلها بأسانيد صحاح.

<<  <  ج: ص:  >  >>