للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديث أنس المتقدم المتضمن قيام العجوز وحدها خلف الصف، وحديث أبي بكرة: «أنه انتهى إلى النبي صلّى الله عليه وسلم وهو راكع فركع قبل أن يصل إلى الصف، فذكر ذلك للنبي صلّى الله عليه وسلم، فقال:

زادك الله حرصاً، ولا تعُد» (١) وحديث ابن عباس قال: «أتيت النبي صلّى الله عليه وسلم من آخر الليل، فصليت خلفه، فأخذ بيدي، فجرَّني حتى جعلني حِذَاءه» (٢).

إلا أن الشافعية والحنفية قالوا: الصلاة صحيحة مع الكراهة، وقال الشافعية: فإن لم يجد المصلي سعة أحرم، ثم جرَّ واحداً من الصف إليه، ليصطف معه، خروجاً من الخلاف، وحملوا الحديثين الآتيين الواردين بالإعادة على الاستحباب جمعاً بين الأدلة، وقوله صلّى الله عليه وسلم: «لا صلاة للذي خلف الصف» أي لا صلاة كاملة، كقوله صلّى الله عليه وسلم «لا صلاة بحضرة طعام» وهذا أولى الآراء، لقوة دليله. لكن ذكر الحنفية: أنه لو انفرد ثم مشى ليلحق بالصف، فإن مشى في صلاته مقدار صف واحد لا تفسد، وإن مشى أكثر من ذلك فسدت. ولم يوافق المالكية الشافعية فقالوا: من لم يجد مدخلاً في الصف، صلى وراءه، ولم يجذب إليه رجلاً.

وقال الحنابلة: صلاة المنفرد إذا صلى ركعة كاملة خلف الصف وحده فاسدة غير مجزئة، وتجب إعادتها، بدليل حديث وابصة بن معبد: «أن النبي صلّى الله عليه وسلم رأى رجلاً يصلي خلف الصف وحده، فأمره أن يعيد صلاته» (٣) وحديث علي بن شيبان: «أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم رأى رجلاً يصلي خلف الصف، فوقف، حتى انصرف الرجل، فقال له: استقبل صلاتك، فلا صلاة لمنفرد خلف الصف» (٤).


(١) رواه أحمد والبخاري وأبو داود والنسائي (نيل الأوطار:١٨٤/ ٣).
(٢) رواه أحمد (المصدر السابق نفسه).
(٣) رواه االخمسة إلا النسائي (نيل الأوطار:١٨٤/ ٣).
(٤) رواه أحمد وابن ماجه (المصدر السابق).

<<  <  ج: ص:  >  >>