ولو خطب قاعداً أو على غير طهارة، جاز لحصول المقصود، إلا أنه يكره لمخالفته الموروث، وللفصل بينها وبين الصلاة لتجديد طهارته، فالطهارة والقيام سنةعندهم، والسبب في ذلك أنها لا تقوم مقام الركعتين في الأصح؛ لأنها تنافي الصلاة، لما فيها من استدبار القبلة والكلام، فلا يشترط لها شرائط الصلاة.
ولو اقتصر الخطيب على ذكر الله تعالى كتحميدة أو تهليلة أو تسبيحة، فقال: الحمد لله، أو سبحان الله، أو لا إله إلا الله، جاز عند أبي حنيفة مع الكراهة، لقوله تعالى:{فاسعَوْا إلى ذكر الله}[الجمعة:٩/ ٦٢] والمراد به الخطبة باتفاق المفسرين، وقد أطلق عليها الذكر، من غير فصل بين قليل وكثير، فالزيادة عليها نسخ، وروي أن «عثمان رضي الله عنه: لما صعد المنبر أول جمعة ولّي، قال: الحمد لله، فأرتج (أي أغلق)، فنزل، وصلى» وكان بمحضر من علماء الصحابة، ولم ينكر عليه أحد، فدل على أن هذا المقدار كاف.
وقال الصاحبان: لا بد من ذِكْر طويل يسمى خطبة، وأقله قدر التشهد؛ لأن الخطبة هي الواجبة، والتسبيحة أو التحميدة لا تسمى خطبة. وشروط الخطبة عند الحنفية ستة: أن تكون قبل الصلاة، وبقصد الخطبة، وفي الوقت، وأن يسمعها واحد ممن تنعقد بهم الجمعة على الأقل في الصحيح، فيكفي حضور عبد أو مريض أو مسافر ولو جنباً، ولا تصح بحضور صبي أو امرأة فقط، ولا يشترط سماع جماعة.
ويشترط أيضاً ألا يفصل فاصل كثير أجنبي كتناول غداء أو غسل بين الخطبة والصلاة، فإن وجد أعيدت الخطبة، لبطلان الخطبة الأولى. ولا يشترط اتحاد الإمام والخطيب، لكن لا ينبغي أن يصلي غير الخطيب؛ لأنهما كشيء واحد. وأجازوا الخطبة، بغير العربية ولو لقادر عليها، سواء أكان القوم عرباً أم غيرهم.